The Keys to the Unknown
مفاتيح الغيب
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢٠ هـ
Publisher Location
بيروت
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: كَتَبَ عَارِفٌ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» وَأَوْصَى أَنْ تُجْعَلَ فِي كَفَنِهِ فَقِيلَ لَهُ: أَيُّ فَائِدَةٍ لَكَ فِيهِ فَقَالَ: أَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِلَهِي بَعَثْتَ كِتَابًا وَجَعَلْتَ عُنْوَانَهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَعَامِلْنِي بِعُنْوَانِ كِتَابِكَ.
الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: قِيلَ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» تِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا، وَفِيهِ فَائِدَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ الزَّبَانِيَةَ تِسْعَةَ عَشَرَ، فَاللَّهُ تَعَالَى يَدْفَعُ بَأْسَهُمْ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ التِّسْعَةَ عَشَرَ، الثَّانِيَةُ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ سَاعَةً، ثُمَّ فَرَضَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي خَمْسِ سَاعَاتٍ فَهَذِهِ الْحُرُوفُ التِّسْعَةَ عَشَرَ تَقَعُ كَفَّارَاتٍ لِلذُّنُوبِ الَّتِي تَقَعُ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ التِّسْعَةَ عَشَرَ.
الرَّابِعَةَ وَالْعِشْرُونَ: لَمَّا كَانَتْ سُورَةُ التَّوْبَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ لَمْ يُكْتَبْ فِي أَوَّلِهَا/ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» وَأَيْضًا السُّنَّةُ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ الذَّبْحِ «بِاسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» وَلَا يُقَالُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» لِأَنَّ وَقْتَ الْقِتَالِ وَالْقَتْلِ لَا يَلِيقُ بِهِ ذِكْرُ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَلَمَّا وَفَّقَكَ لِذِكْرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَا خَلَقَكَ لِلْقَتْلِ وَالْعَذَابِ، وَإِنَّمَا خَلَقَكَ لِلرَّحْمَةِ وَالْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ، والله تعالى الهادي إلى الصواب.
[الكتاب الثالث] الْكَلَامُ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ وَفِي ذِكْرِ أَسْمَاءِ هذه السورة،
وفيه أبواب
الباب الأول [أسماء الفاتحة وسببها]
اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ لَهَا أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى: - أسماء الفاتحة وسببها:
فَالْأَوَّلُ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ» سُمِّيَتْ بِذَلِكَ الِاسْمِ لِأَنَّهُ يُفْتَتَحُ بِهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَالتَّعْلِيمِ، وَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَقِيلَ سَمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحَمْدَ فَاتِحَةُ كُلِّ كَلَامٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ.
وَالثَّانِي: «سُورَةُ الْحَمْدِ» وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ أَوَّلَهَا لَفْظُ الْحَمْدِ.
وَالثَّالِثُ: «أُمُّ الْقُرْآنِ» وَالسَّبَبُ فِيهِ وُجُوهٌ: - الْأَوَّلُ: أَنَّ أُمَّ الشَّيْءِ أَصْلُهُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ كُلِّ الْقُرْآنِ تَقْرِيرُ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ: الْإِلَهِيَّاتُ، وَالْمَعَادُ، وَالنُّبُوَّاتُ، وَإِثْبَاتُ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَقَوْلُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَدُلُّ عَلَى الْإِلَهِيَّاتِ، وَقَوْلُهُ: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يَدُلُّ عَلَى الْمَعَادِ، وَقَوْلُهُ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ وَعَلَى إِثْبَاتِ أَنَّ الْكُلَّ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَقَوْلُهُ: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى إِثْبَاتِ قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ وَعَلَى النُّبُوَّاتِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُ هَذِهِ الْمَعَانِي بِالِاسْتِقْصَاءِ، فَلَمَّا كَانَ الْمَقْصِدُ الْأَعْظَمُ مِنَ الْقُرْآنِ هَذِهِ الْمَطَالِبَ الْأَرْبَعَةَ وَكَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مُشْتَمِلَةً عَلَيْهَا لُقِّبَتْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ.
1 / 156