283

Al-madkhal ilā madhhab al-Imām Aḥmad b. Ḥanbal

المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل

Editor

د. عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠١

Publisher Location

بيروت

مُخْتَصره الْمُنَاسب مَا تتَوَقَّع الْمصلحَة عَقِيبه أَي مَا إِذا وجد أَو سمع أدْرك الْعقل السَّلِيم كَون ذَلِك الْوَصْف سَببا مفضيا إِلَى مصلحَة من الْمصَالح لرابط من الروابط الْعَقْلِيَّة بَين تِلْكَ الْمصلحَة وَذَلِكَ الْوَصْف
قَالَ ومثاله أَنه إِذا قيل الْمُسكر حرَام أدْرك الْعقل أَن تَحْرِيم الْمُسكر مفض إِلَى مصلحَة وَهِي حفظ الْعُقُول من الِاضْطِرَاب
وَإِذا قيل الْقصاص مَشْرُوع أدْرك الْعقل أَن شَرْعِيَّة الْقصاص سَبَب مفض إِلَى مصلحَة وَهِي حفظ النُّفُوس وأمثلة كَثِيرَة ظَاهِرَة وَإِنَّمَا قلت مَا تتَوَقَّع الْمصلحَة عَقِيبه لرابط عَقْلِي أخذا من السَّبَب الَّذِي هُوَ الْقَرَابَة فَإِن الْمُنَاسب هَهُنَا مستعار ومشتق من ذَلِك وَلَا شكّ أَن المتناسبين فِي بَاب النّسَب كالأخوين وَابْني الْعم وَنَحْو ذَلِك إِنَّمَا كَانَا متناسبين لِمَعْنى رابط بَينهمَا وَهُوَ الْقَرَابَة فَكَذَلِك الْوَصْف الْمُنَاسب هَهُنَا لَا بُد وَأَن يكون بَينه وَبَين مَا يُنَاسِبه من الْمصلحَة رابط عَقْلِي وَهُوَ كَون الْوَصْف صَالحا للإفضاء إِلَى تِلْكَ الْمصلحَة عقلا اه
فقد علم أَن الْوَصْف الْمُنَاسب هُوَ مَا تتَوَقَّع الْمصلحَة عَقِيبه لرابط عَقْلِي وَلَا يعْتَبر كَونه منشأ للحكمة كَقَوْلِنَا السّفر منشأ الْمَشَقَّة المبيحة للترخص وَالْقَتْل منشأ الْمفْسدَة وَهِي تَفْوِيت النُّفُوس وَالزِّنَا منشأ الْمفْسدَة وَهُوَ تَضْييع الْأَنْسَاب وإلحاق الْعَار فَهَذِهِ الأوضاف ينشأ عَنْهَا الحكم الَّتِي تثبت الْأَوْصَاف لأَجلهَا بل الِاعْتِبَار الْأَعَمّ من ذَلِك سَوَاء كَانَ منشأ للحكمة كَمَا تقدم أَو كَانَ الْوَصْف مُعَرفا للحكمة ودليلا عَلَيْهَا كَقَوْلِنَا النِّكَاح أَو البيع الصَّادِر من

1 / 326