Madkhal Fiqhi
المدخل الفقهي العام
Publisher
دار القلم
Genres
ولهذا ترى فقهاء المذهب خالفوا ما نص عليه المجتهد في مواضع كثيرة بناها على ما كان في زمنه لعلمهم بأنه لو كان في زمنهم لقال بما قالوا به أخذا من قواعد مذهبه" ...
وقد أتى رحمه الله على ذلك بأمثلة كثيرة: - منها أنه في أصل المذهب الحنفي لم يكن يعتبر الإكراه معذرة لشخص المستكره (بفتح الراء) إلا إذا كان واقعا من السلطان نفسه أو بأمره، لأن قيام سلطة الحاكم تمنع الناس من أن يكره بعضهم بعضا على فعل أو عقد، إذ يستطيع من يقع عليه الإكراه أن يلتجىء إلى الحاكم. أما اذا وقع الإكراه من السلطان نفسه فلا سلطة فوقه، وبيده القوة.
لكن المتأخرين من الفقهاء لما رأوا فساد الزمان وتسلط بعض الناس على بعض تحت حماية بعض الحكام، ولحظوا فقدان الوازع، أفتوا بأن الاكراه يعتبر معذرة مؤثرة في مسؤولية المستكره عن الأفعال والعقود التي باشرها تحت الاكراه ولو كان واقعا من غير السلطان الحاكم.
- ومنها أن الفقهاء المتقدمين أيضا كانوا يجيزون إيجار عقارات الوقف مهما كانت مدة الايجار طويلة أو قصيرة.
ولكن المتأخرين لما رأوا كثرة غصب المتنفذين لأملاك الأوقاف وتواطؤ بعض المتولين على الأوقاف معهم، أفتوا بمنع إيجار عقار الوقف أكثر من سنة واحدة في الدور والحوانيت المبنية ، وثلاث سنين في الأراضي الزراعية، خشية أن يدعي المستأجر في النهاية ملكية العقار، متخذأ من استمرار يده وتصرفه فيه زمنأ طويلا دليلا على ملكيته . فتجديد عقد الايجار في فترات قصيرة يحول دون ذلك.
رر: مجموعة رسائل ابن عابدين 125/2 - 126) .
هذا، وسنعقد لموضوع تغير الزمان وأثره في تغيير الأحكام مبحثا خاصا نعالجه فيه بتفصيل وإيضاح أوفى، في نظرية العرف في الفصول (76.
Page 110