Al-Madkhal al-fiqhī al-ʿāmm
المدخل الفقهي العام
Publisher
دار القلم
Genres
/15 - وتاريخ المتون في الحقيقة يرجع إلى أقدم من هذا العصر .ا ولكنها عندما ظهرت قديما كان الغرض منها حكيما: وهو جمع المسائل الأولية البسيطة في متون صغيرة بعبارة سهلة لتكون مبادىء لشداة(1) الفقه على نحو "الآجرومية"(2) في علم النحو. وهذا الغرض يقضي بأن يبقى المتن مختصرا بسيطا سهلا للمسائل الأولية مقصورا عليها للغاية التعليمية فلا توضع عليه الشروح الواسعة ولا الحواشي المعقدة.
ولكن المتون انقلبت في العصر المبحوث عنه إلى طريقة عامة تعقيدية في تأليف الفقه؛ حتى أن من يريد أن يترك له أثرا وذكرا علميا لا يفكر أن يخدم العلم بمؤلف مستقل يعمد به إلى التجديد في أسلوب الفقه ولغته وفي تنقيحه وتقسيمه، وترتيبه وتبويبه، والرجوع بمسائله المشتتة في غير ابوابها إلى أبوابها ومناسباتها، فيضيف إلى جهود المتقدمين الحميدة جهودا جديدة(2)؛ بل كان كل مؤلف متأخر يحصر جهده في وضع حاشية على شرح، أو شرح على متن معقد، أو يضع متنا على نسق سائر المتون الاختزالية اللغزية التي تقدمته .
ومن هنا نرى أن طريقة المتون بدأت قديما معقولة الفكرة والغرض الوضع مبادىء العلم البسيطة تسهيلا على المبتدئين، ثم أصبحت بالعوامل التقليدية على أيدي المتأخرين أشواكا وتعاريج توعر بها طريق الفقه
(2) الآجرومية مقدمة في النحو، لمؤلفها محمد المشهور بابن آجروم أي الفقير الصوفي بلسان البربر، (ر: ففتح رب الأرباب" للشيخ عباس رضوان) .
(3) نذكر بهذه المناسبة أن من مفاخر المؤلفين في الفقه الحنفي الإمام علاء الدين الكاساني المتوفى سنة 587 ه. الذي وضع كتابه "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" توسيعا لكتاب فتحفة الفقهاء" لشيخه علاء الدين السمرقندي، فقد نثر الكاساني في فبدائعه فقه المذهب من الكتب ثم صاغه صياغة جديدة في سبعة مجلدات لا على مثال سبق، باسلوب وترتيب موضوعي معجب، فكان من المجذدين حقا في تدوين الفقه.
Page 212