121

Madkhal Fiqhi

المدخل الفقهي العام

Publisher

دار القلم

Genres

عامة، ويحظر على الإنسان أن يشهد أمام القضاء بأمر لم يشاهده وإنما سمع به من غيره.

وقد قرر الفقهاء بناء على هذا عدم قبول شهادة التسامع في إثبات الحقوق. لكن فقهاء الحنفية رأوا أن هناك موضوعات تقتضي المصلحة فيها قبول شهادة التسامع، لأن اشتراط العيان فيها متعذر أو غير متيسر، فيضيع هذا الاشتراط حقوقا هامة لا يسوغ الشرع التفريط فيها، فقرروا قبول شهادة التسامع في أمور عديدة، منها إثبات أصل الوقف، أي إثبات أن هذا العقار موقوف وليس ملكا لصاحب اليد عند الاختلاف في وقفيته وملكيته .

وقد عللوا ذلك بأن المصلحة تقضي بقبول شهادة التسامع هنا استحسانا على خلاف القياس للضرورة، وذلك صيانة للأوقاف القديمة عن الضياع، لأن الوقف إذا تقادم ولم تكن عقاراته مسجلة في سجل المحكمة الا أو فقد سجلها، لا يبقى ممكنا إثبات وقفيتها لانقراض الشهود الذين شهدوا على عبارة الواقف حينما وقف الوقف. فيتجرأ كل إنسان على غصب الأوقاف القديمة وادعاء ملكيتها دون إمكان إثبات وقفيتها إذا اشترطنا العيان . فلذا تقبل شهادة التسامع في هذا الإثبات، وذلك بأن يشهد الشاهد بالوقفية استنادا إلى ما يسمعه من الناس الثقات، ولو أنهم أيضا سامعون من مثلهم وغير معاينين(1) .

ومما قبل فيه أيضا فقهاء الحنفية شهادة التسامع: إثبات النسب والوفاة، والدخول بالزوجة، إلى عشرة مواضع مبينة في كتبهم(2) ، فخصصوا بذلك نص الحديث النبوي الذي يوجب العيان في تحمل الشهادة ليصح

(1) يلحظ في هذا المقام أنه بعد إنشاء السجل العقاري في بلادنا أصبحت قيوده مي المعول عليها في إثبات الملكية والوقفية وغيرها من الحقوق العينية في العقارات المسجلة فيه م 33

Page 132