Madina Fadila
المدينة الفاضلة عند فلاسفة القرن الثامن عشر
Genres
10
وكانت سنة 1620 أقدم سنة اتخذت لتحديد تاريخها، ففي تلك السنة يتحدث الساندرو تاسوني كأن المناظرة تجري من زمن، ويعلن أنه على العموم في صف المحدثين،
11
وفي سنة 1627 نشر اللاهوتي الإنجليزي جورج هيكويل كتابا في ستمائة صفحة، عنوانه شرح أو بيان قوة الله وعنايته في حكم العالم، وفيه أنكر الرأي الخاطئ الشائع القائل بأن الطبيعة في فساد مستديم عام، وذهب هو إلى أن العالم الحديث أفضل من القديم، وعلى هذا فلا ينبغي لهذا الفساد العام المتوهم وما يلقيه في روعنا من أوهام باطلة، أن يثنينا على الاعتداد بأسلافنا العظماء، ولا عن الإعداد لخلفنا، وكما أن سلفنا ادخر لنا ادخارا حميدا، فلندخر لخلفنا ما يستوجب منه الحمد.
12
وبعد هيكويل بنصف قرن يأتي جلانفيل، ومما يؤثر عن جلانفيل هذا أنه جمع بين الدفاع عن نظريات السحر والدفاع عن نظريات العلم. «وكانت هذه منه مقدرة لها ما يماثلها في أيامنا.»
وذهب فيما يتعلق بموضوعنا إلى أن العالم الحديث أفضل كثيرا من العالم القديم بما حصل عليه من وفرة المعارف النافعة، وعلى هذا فيجب على الأجيال الحاضرة أن تسعى لتجمع وتفحص وتهيئ ذخيرة من المعارف تدخرها كما يدخر المال في المصرف لمنفعة العصور المقبلة.
13
وكان من معاصري كاتبنا هذا رجل اسمه ديماريه دي سان سورلان، وكان يبغض اليونان، ويرجع بغضه فيما يقول الأستاذ بري إلى سببين: أولا، إلى أنه كان مسيحيا مسرفا في التعصب، وثانيا، إلى أنه كان شاعرا رديئا، وكان خليقا به إذن أن يزعم أن العالم القديم كان دون العالم الحديث في كل شيء، في العلم، في الهناء، في الغنى، في الأبهة، وكان خليقا به أن يزعم أيضا أن الشعراء يجدون في المسيحية موضوعات خيرا مما يجدون في الأساطير الكلاسيكية، وقد شاء له نحسه أن يحاول إثبات زعمه فنظم موضوعين: «كلوفيس» «ومريم المجدلية»، ولم يقدر للمنظومتين بعد - لسبب ما - أن ينالا من الشهرة ما ناله شعر هوميروس وسوفوكليس.
14
Unknown page