ومع شهادتنا واعترافنا بأنه أنكر الكنيسة وشجب تعاليمها نطلب له لكي يعطيه الله توبة لمعرفة الحق «2 تي ص2 عدد 25»، ثم نطلب إليك أيها الإله الرحوم الذي لا تريد أن يموت الخطاة بخطيتهم أن تستجيب صلاتنا وترحمه وترشده إلى طريق كنيستك المقدسة آمين.
التواقيع بيد كل موقع: الوضيع «أنطوني مطران بطرسبرج»، الوضيع: «لاثيوغونست مطران كييف»، الوضيع «فيلاديمير مطران موسكو»، الوضيع «إيوروتيم رئيس أساقفة فارشافا»، الوضيع «يعقوب أسقف كيثسينيسي»، الوضيع «ماركيل أسقف»، الوضيع «بوريس أسقف».
فلما انتشر هذا الحكم تناقلته الجرائد، وتهافت الناس على مطالعته تهافت الجياع على القصاع، وانقسم قراؤه إلى قسمين مختلفين؛ فالقسم الأول: وهم تلميذات وتلاميذ المدارس العالية الذين هاجوا هياجا عظيما؛ لشغفهم الشديد بتولستوي، وافتخارهم به على كل فلاسفة وعلماء أوروبا، فأرسل مئات منهم العرائض إلى المجمع المقدس يطلبون منه أن يحرمهم مع فيلسوفهم الذي يفدونه بأرواحهم، وعدا ذلك فقد قاموا بمظاهرات خشنة في الكنائس والمدارس، فالتزمت الحكومة أن تجنح إلى القوة؛ لتسكين الاضطراب، وألقت القبض على كثيرين وزجتهم في السجن، وقد حدث الهياج في 36 مدينة روسية، واتهم بعض الناس الفيلسوف تولستوي بأنه هو الذي كان يحرض على الفتنة، وتكذيبا لذلك نورد ما قالته جريدة الرقيب الغراء
1
بهذا الصدد: لقد قالت شركة روتر إن الفيلسوف تولستوي كان أكبر المحرضين على الثورة، وهذا القول خطأ محض؛ لأن الذين طالعوا مؤلفات هذا الرجل الكبير لا يرتابون في أنه من أعداء كل فتنة واضطراب؛ لاعتقاده بأنهما لا يجديان نفعا، وأن من أخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ، وما عدا ذلك فقد قال في بعض كتبه: إن الذين يحاولون قلب هيئة الحكومة في هذه الأيام بواسطة الثورات يخيبون سعيا؛ ذلك أن لكل حكومة جيشا عظيما تكبح به جماح الثائرين، ولديها السكك الحديدية، والتلغراف، والتلفون، وكلها أعمال شديدة التأثير في كبح الثورات، فلا يحاول الناس أمرا مستحيلا في هذه الأيام، فإن الثورة تنقلب على مثيريها؛ لقوة الهيئة الحاكمة. ا.ه.
وأما القسم الثاني، فهو الشعب الروسي البسيط، بلغ منه الحقد على تولستوي مبلغا عظيما، ورشقه بألسنة حداد، وأرسل إليه كثيرون كتبا مشحونة بأنواع السفه والشتايم واللعنات، ولو تسنى لهم لفتكوا به.
وعلى أثر ذلك أرسلت زوجة الكونت تولستوي كتابا إلى سيادة مطران بطرسبرج بصفته رئيس المجمع المقدس تحتج به على قطع زوجها من الكنيسة، وهاك نصه، موسكو في 11 مارس سنة 1901:
سيادة المطران أنطوني
طالعت أمس في الجرائد حكم المجمع الصارم الصادر بحرمان زوجي الكونت ليون نيكولا يفتش تولستوي من الكنيسة، ورأيت بين تواقيع رعاتها الذين وقعوا الحكم توقيع سيادتكم، فتأثرت تأثرا شديدا، حتى إني لم أستطع أن أضع حدا لحزني الشديد، وليس ذلك ناجما عن اعتقادي بأن نفس زوجي تهلك من تلك الورقة التي كتبتم عليها حكمكم الجائر؛ لأن خلاص الأنفس لا يتوقف على الناس، بل ذلك مختص بالله وحده، وإذا نظرنا إلى حياة النفس نظرة دينية فنراها أنها لم تزل مجهولة تمام الجهل، ولا يعرفها أحد غير الله وحده، ومن حسن الحظ أنه لا سلطة للبشر عليها، ولكني لما أرى الكنيسة التي أنا تابعة لها، والتي لا أزال أتبعها ولن أحيد عنها، تلك الكنيسة التي أنشأها المسيح نفسه باسم الله لتبارك حياة الإنسان الكبرى من الولادة، والزواج، والموت، والأفراح، والأتراح، والتي وظيفتها النداء بناموس الرحمة، والصفح، ومحبة أعدائنا، والذين يبغضوننا، والصلاة من أجل الجميع، فمن هذا القبيل لا أعود أفهم أو أدرك تصرف المجمع. أما إذا كان القصد من حرمان ليون نيكولا يفتش تنفير الناس منه واستمالتهم عنه، فهو خطأ واضح؛ لأن جميع الناس زادوا تعلقا به وميلا إليه، وسخطوا من هذا الحرمان، ولا تزال تردنا الشواهد على ذلك من جميع أقطار العالم، ثم إني لا أقدر أن أخفي عنكم الغم الذي أحاق بي عندما بلغني قرار المجمع السري سابقا بشأن منع الكهنة عن الصلاة على جثة زوجي في الكنيسة بعد مماته، والامتناع من دفنه بموجب طقوس الكنيسة، فمن قصدتم أن تقاصوا بهذا القرار؟ هل تقصدون به الميت، أو جثته الجامدة، أو أقرباءه المؤمنين؟ وإذا كان هذا القرار تهديدا فإلى من توجهون هذا التهديد؟ وماذا تقصدون؟
وهل تظنون حقيقة أنني لا أجد للصلاة على جثة زوجي في الكنيسة كاهنا صالحا مستقلا عن الناس لاهتمامه برضى الله الحقيقي، إله المحبة والغفران أكثر من رضى الناس، أو كاهنا فاسدا أنال منه مرادي بواسطة المال؟
Unknown page