The Shafi'i School of Thought on Worship and its Evidences
مذهب الإمام الشافعي في العبادات وأدلتها
Publisher
دار السلام
Edition Number
الثالثة
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
الركن الثاني :
الإيمان بالملائكة، وهو الاعتقاد بأن لله ملائكة أجسامهم لطيفة روحانية مخلوقة من نور، لا يأكلون ولا يشربون، ولا يقال عنهم إناث ولا ذكور، وهم عباد مكرمون كما وصفهم سبحانه في سورة التحريم آية ٦: ﴿عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾ أي هم معصومون من مخالفة أمر الله فيما مضى ويفعلون ما يؤمرون به في المستقبل، وكما وصفهم عليه السلام فيما أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها: (خُلِقَت الملائكةُ من نور، وخلق الجان من مارج من نار - أي لهبها المختلط بسوادها - وخلق آدم مما وُصِف لكم). وهم جند الله لا يعلم عددهم غيره، أقدرهم على أعمال يعجز عنها البشر: كاقتلاع الجبال وقلب المدن، لا يمسهم بذلك تعب ولا ملل.
فمنهم الموزعون على الأعمال كالأمين على الوحي (جبريل)، والموكل بالمطر (ميكائيل)، وبنفخ الصور (إسرافيل)، وبقبض الأرواح (عزرائيل)، وكخازن الجنة (رضوان)، وخازن النار (مالك)، ومنهم حملة العرش، وكتبة أعمال الإنسان ومنهم حفظة عليه في حياته، والموكلون بالأجنة في بطون أمهاتهم. ومنهم قائمون بالتسبيح والتهليل، قال تعالى في سورة الأنبياء آية ٢٠: ﴿يسبحون الليل والنهار لا يفترون﴾، وقال عليه السلام فيما رواه الترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه: إني أرى مالا ترون وأسمع مالا تسمعون أطَّتْ السماءُ - أي صوتت، وهو تمثيل لكثرة ما فيها من الملائكة التي أثقلتها، وإن لم يكن ثمة أطيط - وحُقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك واضع جبهته لله تعالى ساجدًا، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا ولما تلذذتم بالنساء على الفُرَش، ولخرجتم إلى الصُّعْدات تجارون إلى الله تعالى - أي تستغيثون - قال أبو ذر: لوددتُ أني شجرة تُعضد) أي تقطع.
تنبيه:
لا ينبغي أن يفهم أنه سبحانه بحاجة إلى الملائكة لتنفيذ ما أمرهم به من الأعمال، وإنما ينبغي أن نعتقد أنه تعالى أراد ذلك لحكمة هو أعلم بها، ويوضح هذا المقام ما خاطب الله به المؤمنين في شأن غزوة بدر في سورة الأنفال آية ٩ - ١٠: ﴿إذ تستغيثون ربّكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألفٍ من الملائكة مردفين. وما جعله اللهُ إلا
23