============================================================
م حكم الله عليهم حكما مشتملا عليهم في الذراري والأعقاب على مر السنين والأحقاب، فقال تعالى: وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب(1).
فكان هذا العذاب في الدنيا بعض الاستحقاق ولعذاب الآخرة أشق وما هم من الله من واق.
فهم أنحس الأمم قلوبا وأخبثهم طوية وأرداهم سجية وأولاهم الناهين وهلاك الظالمين ، وسكت عن الساكتين لأن الجزاء من جنس العمل، فهم لا يستحقون مدحا فيمدحوا، ولا ارتكبوا عظيما فيذموا، ومع هذا فقد اختلف الأئمة فيهم: هل كانوا من الهالكين؟ أو من الناجين؟ على قولين: وقال على ابن أبي طلحة عن ابن عباس: {وإذ قالت أمة منهم لم عظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا هي قرية على شاطئ البحر بين مصر والمدينة يقال لها: إيلة فحرم الله عليهم الحيتان يوم سبتهم وكانت الحيتان تأتيهم يوم سبتهم شرعا في ساحل البحرة فإذا مضى يوم السبت لم يقدروا عليها، فمضى على ذلك ما شاء الله، ثم إن طائفة منهم أخذوا الحيتان يوم سبتهم فنهتهم طائفة وقالوا تأخذونها وقد حرمها الله عليكم يوم سبتكم؟!
فلم يزدادوا إلا غيا، وجعلت طائفة أخرى تنهاهم، فلما طال ذلك عليهم قالت طائفة من النهاة: تعلمون أن هؤلاء قوم قد حق عليهم العذاب تعظون قوما الله مهلكم وكانوا أشد غضبا لله من الطائفة الأخرى فقالوا: (معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون وكل قد كانوا ينهون، فلما وقع عليهم غضب الله نحت الطائفتان اللتان قالوا: لم تعظون قوما الله مهلكهم، والذين قالوا: {معذرة إلى ربكم وأهلك الله أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان فجعلهم قردة (1) سورة الأعراف (الآية: 167) .
Page 58