Madha Khasara Calam
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
Publisher
مكتبة الإيمان
Publisher Location
المنصورة - مصر
Genres
من أنفسهم المقادة واستسلموا للحكم الإلهي استسلامًا كاملًا ووضعوا أوزارهم، وتنازلوا عن أهوائهم وأنانيتهم، وأصبحوا عبيدًا لا يملكون مالًا ولا نفسًا ولا تصرفًا في الحياة إلا ما يرضاه الله ويسمح به، لا يحاربون ولا يصالحون إلا بإذن الله ولا يرضون ولا يسخطون ولا يعطون ولا يمنعون ولا يصلون ولا يقطعون إلا بإذنه ووفق أمره. ولما كان القوم يحسنون اللغة التي نزل بها القرآن وتكلم بها الرسول ﷺ وعرفوا الجاهلية ونشأوا عليها، وعرفوا معنى الإسلام معرفة صحيحة، وعرفوا أنه خروج من حياة إلى حياة، ومن مملكة إلى مملكة، ومن حكم إلى حكم، أو من فوضوية إلى سلطة، أو من حرب إلى استسلام وخضوع، ومن الأنانية إلى العبودية، وإذا دخلوا في الإسلام فلا افتيات في الرأي ولا نزاع مع القانون الإلهي ولا خيرة بعد الأمر ولا مشاقة للرسول ولا تحاكم إلى غير الله ولا إصدار عن الرأي، ولا تمسك بتقاليد وعادات ولا ائتمار بالنفس، فكانوا إذا أسلموا انتقلوا من الحياة الجاهلية بخصائصها وعاداتها وتقاليدها إلى الإسلام بخصائصه وعاداته وأوضاعه، وكان هذا الانقلاب العظيم يحدث على أثر قبول الإسلام من غير تأن.
همَّ فضالة بن عمير بن الملوح أن يقتل رسول الله ﷺ. وهو يطوف بالبيت. فلما دنا منه. قال رسول الله ﷺ: أفضالة؟ قال: نعم، فضالة يا
رسول الله! قال: ماذا كنت تحدث به نفسك؟ قال: لا شيء، كنت أذكر الله، فضحك النبي ﷺ، ثم قال: استغفر الله، ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه، وكان فضالة يقول: والله ما رفع يده على صدري حتى ما خلق الله شيئًا أحب إليَّ منه، قال فضالة: فرجعت إلى أهلي فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها، فقالت: هلمّ إلي الحديث، فقلت: يأبى الله عليك والإسلام (١) .
(١) زاد المعاد ج٢ ص ٣٣٢.
1 / 92