ومما تجب الإشارة إليه الجمع بين الثناء على الرسول والدعاء له ولدينه في قول علي:
أورى قبسا لقابس، وأنار علما لحابس، فهو أمينك المأمون، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك نعمة، ورسولك بالحق رحمة، اللهم اقسم له مقسما من عدلك، واجزه مضاعفات الخير من فضلك. اللهم أعل على بناء البانين بناءه، وأكرم لديك نزله، وشرف لديك منزلته، وآته الوسيلة، وأعطه السناء والفضيلة، واحشرنا في زمرته غير خزايا ولا نادمين، ولا ناكثين ولا ضالين ولا مضلين.
94
وكلمة «الوسيلة» سيكثر ورودها في كلام الصوفية، وهذه القطعة ستكون نمطا لكثير من الأدعية والصلوات.
ولو مضينا نستقري ما في كلام علي من أمثال هذه الفقرات لطال بنا القول، فلنكتف بما أسلفنا من كلامه، فما نريد الاستقصاء، وإنما الغرض أن ندل على ما في خطبه من أصول المدائح النبوية. (12)
والذي يتأمل كلام علي يجده ينتقل من مدح النبي
صلى الله عليه وسلم
إلى مدح آل البيت، وكذلك يفعل الكميت بن زيد الأسدي في قصائده الهاشميات، وسنعود إليها بدرس خاص وندرس معها تائية دعبل، ونشير الآن إلى أن الفرزدق اتفق له أن يقف موقفا يمدح فيه الرسول وعترته، فقد حدثوا أنه حج بعدما كبر وقد أتت له سبعون سنة، وكان هشام بن عبد الملك قد حج في ذلك العام، فرأى علي بن الحسين رضي الله عنهما في غمار الناس في الطواف فقال: من هذا الشاب الذي تبرق أسرة وجهه كأنه مرآة صينية تتراءى فيها عذارى الحي وجوهها؟ فقالوا: هذا علي بن الحسين.
95
فقال الفرزدق:
Unknown page