فهن لطيب الراح الفداء
نوليها الملامة إن ألمنا
إذا ما كان مغث أو لحاء
34
ونشربها فتتركنا ملوكا
وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
35
وهذا الاستطراد من النسيب إلى الخمريات كان معروفا في الجاهلية، وقد وقع مثله في لامية كعب التي مدح بها الرسول، ولنا أن نلاحظ أن هذين الشاعرين لم يغيرا شيئا من المذاهب الشعرية حين خاطبا النبي
صلى الله عليه وسلم ، ولم يتورعا عن ذكر الخمر والنساء، والتحسر على ملاعب الشباب.
وليس هذا بغريب، فإن المذاهب الأدبية لا تتغير في عام أو عامين، ومن الإسراف أن ننتظر ذلك، فسنرى حين يمتد بنا البحث أن الكلام عن الخمر والنساء سيصير من المألوف في المدائح النبوية، غير أنه كان عند هذين الشاعرين من الحقائق، وسيصير عند المتأخرين من الرمزيات، فشعثاء وسعاد في همزية حسان ولامية كعب حسناوان كان لهما وجود، والخمر كانت مما عرف هذان الشاعران، ولو في الجاهلية، أما عند المتأخرين من شعراء الصوفية فليلى أو شعثاء أو سعاد، والصهباء أو الشمول، كل أولئك من الأسماء الرمزية، وأثر الحقيقة هنا ليس أقوى من أثر الخيال هناك.
Unknown page