ملكولم :
أما «مكبث» فخائن. غير أن أنزه التابعين قد يخطئ إذا امتثل أمرا لمتبوعه. أستغفرك عن ظنة غدر أظنها بك، فإن كنت بريئا منها فهي لا تنتقص براءتك. أليست الملائك إلى الآن لامعة، غير أن أسطعها نورا هو الذي تكبر فتهور. مهما تستعر الرذيلة من شكل الفضيلة فلن يمس الفضيلة هذا التشبه، بل تظل آخر الدهر هي الفضيلة.
مكدف :
يا خيبة آمالي!
ملكولم :
لعلك أضعت آمالك، حيث أضعت أنا شكوكي. لماذا نزحت بغتة عن امرأتك وبنيك مع أنهم أثمن أشياء الدنيا لديك. ومع أن الأسباب التي تربطك بهم هي أمتن أسباب الحب؟! أرجو ألا تحمل ارتيابي محمل الاتهام فإن هو إلا ما يوجبه علي الحذر، ولعلك بلا عيب وبلا ذم مهما يكن من رأيي فيك.
مكدف :
انزف دمك إلى النضوب يا وطني المسكين. وأنت أيها الاستبداد توطد غير منازع بعد اليوم، فإن البررة الأخيار لا يجرءون على مكافحتك، وداعا أيها السيد ... أبى الله لي أن أكون من ظننت، ولو أضيف الشرق بكنوزه إلى المساحة الشاسعة التي تحت حكم الظالم.
ملكولم : ... لا يغضبنك مقالي، ولا تجد فيه غضاضة عليك. فلئن خاطبتك هكذا فالأمر دونه ارتيابي في نزاهتك. إن بلادنا لرازحة تحت النير باكية دامية لا يزيدها كرور الأيام إلا جراحا على جراحها، واعلم أن في أهل الخير أعوانا لها لا يرقبون إلا الدعوة لتأييد حقوقها، وأن ملك الإنجليز قد تبرع بجعل آلاف من البسلاء تحت إمرتي لإنقاذها، غير أنه لو تسنى لي أن أمشي على هامة الظالم، أو أن أحمل رأسه على طرف حسامي، لما كان حظ وطني على أثر ذلك إلا أن يعتاض من عيوب فاضحة بعيوب أفضح منها، ومن آلام فادحة بآلام أفدح منها، في عهد الرجل الذي سيخلف ذلك المستبد.
مكدف :
Unknown page