112

Macarij Quds

معارج القدس

Publisher

دار الآفاق الجديدة

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٩٧٥

Publisher Location

بيروت

فَيلْزم جَمِيع الْأَحْوَال الْمُتَأَخِّرَة مَعًا فَتكون الْهَيْئَة للْعَالم بِمَا يُرِيد أَن يكون فِيهِ يرتسم هُنَاكَ ثمَّ تِلْكَ الصُّور لَا وَحدهَا بل الصُّور الْعَقْلِيَّة الَّتِي فِي الْجَوَاهِر الْمُفَارقَة غير محتجبة عَن أَنْفُسنَا بحجاب الْبَتَّةَ من جِهَتهَا انما الْحجاب هُوَ فِي قبولنا إِمَّا لضعفنا أَو لاشتغالنا بِغَيْر الْجِهَة الَّتِي عِنْدهَا يكون الْوُصُول اليها والاتصال بهَا وَأما إِذا لم يكن أحد الْمَعْنيين فان الِاتِّصَال بهَا مبذول وَلَيْسَت مِمَّا تحْتَاج أَنْفُسنَا فِي إِدْرَاكهَا إِلَى شَيْء غير الِاتِّصَال بهَا ومطالعتها فَأَما الصُّور الْعَقْلِيَّة فان الِاتِّصَال بهَا بِالْعقلِ النظري فَأَما هَذِه الصُّور الَّتِي الْكَلَام فِيهَا فَإِن النَّفس إِنَّمَا يتصورها بِقُوَّة أُخْرَى وَهُوَ الْعقل العملي ويخدمه فِي هَذَا الْبَاب التخيل فَتكون الْأُمُور الْجُزْئِيَّة تنالها النَّفس بقوتها الَّتِي تسمى عقلا عمليا من الْجَوَاهِر الْعَالِيَة النفسانية وَتَكون الْأُمُور الْكُلية تنالها النَّفس بقوتها الَّتِي تسمى عقلا نظريا من الْجَوَاهِر الْعَالِيَة الْعَقْلِيَّة الَّتِي لَا يجوز أَن يكون فِيهَا شَيْء من الصُّور الْجُزْئِيَّة الْبَتَّةَ وتختلف الاستعدادات للنفوس جَمِيعًا فِي الْأَنْفس خُصُوصا الاستعداد لقبُول الجزئيات بالاتصال بِهَذِهِ الْجَوَاهِر النفسانية فبعض الْأَنْفس يضعف فِيهَا ويقل هَذَا الاستعداد لضعف الْقُوَّة المتخيلة وَبَعضهَا لَا يكون فِيهِ هَذَا الإستعداد أصلا لضعف الْقُوَّة المتخيلة أَيْضا وَبَعضهَا يكون هَذَا فِيهِ أقوى حَتَّى ان الْحس إِذا ترك اسْتِعْمَاله الْقُوَّة المتخيلة وَترك شغله بِمَا يُورد عَلَيْهَا جذبتها الْقُوَّة العملية إِلَى تِلْكَ الْجِهَة حَتَّى انطبعت فِيهَا تِلْكَ الصُّور إِلَّا أَن الْقُوَّة المتخيلة لما فِيهَا من الغريزة المحاكية والمنتقلة من شَيْء إِلَى غَيره تتْرك مَا أخذت وتورد شبيهه أَو ضِدّه اَوْ مناسبه كَمَا يعرض لليقظان من أَنه يُشَاهد شَيْئا فينعطف عَلَيْهِ التخيل إِلَى أَشْيَاء أُخْرَى يحضرها مِمَّا يتَّصل بِهِ بِوَجْه حَتَّى ينسيه الشَّيْء الأول فَيَعُود على سَبِيل التَّحْلِيل والتخمين وَيرجع إِلَى الشَّيْء الأول بِأَن يَأْخُذ الْحَاضِر مِمَّا قد تأدى اليه الخيال فيفطن أَنه خطر فِي الخيال تَابعا لأي صُورَة تقدمته وَتلك لأي صُورَة أُخْرَى وَكَذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى البدء ويتذكر مَا نَسيَه كَذَلِك التَّعْبِير هُوَ تَحْلِيل

1 / 137