336

Macarij Amal

معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب

فيحتمل قول الحسن وأحمد بإراقة الماء أن الماء نجس لا ينتفع به، ويحتمل أنه طاهر أمرا بإراقته تنزيها واحتياطا، نظرا إلى أن التعليل في غسل اليد يقتضي الاحتياط والتحرز من أن يصيب الماء نجس، فإن أراد المعنى الثاني فلا بأس بالاحتياط عند المكنة، وإن أراد المعنى الأول فغير مسلم؛ لأن الماء طاهر قطعا والنجاسة مشكوكة، فلا يصح أن يعارض الشك اليقين، فما لم يصح أن الماء تنجس وانتقل عن حكم الطهارة، وإلا فهو على أصل الطهارة، والله أعلم.

المسألة الثامنة: في ترتيب الأعضاء في الوضوء

وقد اختلف الناس في ذلك:

فقال الربيع بن حبيب -رحمه الله- وبعض /185/ أصحابنا: الترتيب شرط لصحة الوضوء. ونسب صاحب الإشراف معنى هذا القول إلى الشافعي وأحمد وأبي عبيد وأيوب.

وقال مالك وأبو حنيفة: ليس الترتيب شرطا لصحة الوضوء.

وروي عن علي أنه قال: "ما أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأت". وعن ابن مسعود أنه قال: "لا بأس أن تبتدئ برجليك قبل يديك للوضوء".

وقال بعض أصحابنا: لا يجوز تقديم بعض الأعضاء على بعض في التعمد، فإن فعل ذلك على النسيان جاز وصح الوضوء؛ لأن النسيان معفو عنه، وفي التعمد مخالفة السنة، وبمخالفة السنة يفسد الوضوء.

وفي بعض قولهم: إنه يجوز إلا على إرادته مخالفة السنة، روي ذلك عن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة وأبي نوح وابن عبد العزيز وغيرهم.

قال الربيع -رحمه الله-: إن أبا عبيدة لم يكن يعتبر عدد المرات في الوضوء، وإنما يعتبر التنظف والإنقاء.

Page 109