255

Macarij Amal

معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب

وقيل: لما نزلت مشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه المهاجرون حتى وقف على باب مسجد قباء فإذا الأنصار جلوس، فجلس وقال: يا معشر الأنصار، إن الله - عز وجل - قد أثنى عليكم، فما الذي تصنعون عند الوضوء وعند الغائط؟

قالوا: يا رسول الله، نتبع الغائط الأحجار الثلاثة ثم نتبع الأحجار الماء؛ فتلا النبي - صلى الله عليه وسلم - : {رجال يحبون أن يتطهروا}، ثم أمر بذلك وثبت عن سنته، فصار فرض /140/ الاستنجاء بالأحجار منسوخا بالكتاب والسنة إلا عند عدم الماء، وإنما نسخ مع وجود الماء فقط.

وقيل: إن الاستجمار بالأحجار ثابت عند عدم الماء لإزالة الأذى من جميع النجاسات بما قدر عليه من إزالته، إلا ما لا يقدر على إزالته إلا بالماء فإن ذلك معفو عنه، والله أعلم.

وكأن صاحب هذا القول يرى أن فرض الاستجمار بالأحجار منسوخ على كل حال، وأن الواجب عند عدم الماء إنما هو إزالة ما قدر على إزالته من الأذى، وهذه الإزالة ثابتة من معنى الخطاب بالتنظيف لا من ثبوت فرض الاستجمار، والله أعلم.

والفرق بين هذا القول وبين الذي قبله أن فرض الاستنجاء على القول الأول ثابت عند عدم الماء ومنسوخ عند وجوده، وعلى القول الثاني منسوخ مطلقا، وإنما وجب إزالة الأذى فقط، وقد علمت أن النسخ إنما هو لوجوبه لا لندبيته فإنه مندوب مطلقا، والله أعلم.

ولما فرغ من بيان آداب قضاء الحاجة، وذكر أحكام ذلك، شرع يبين أحكام الوضوء المشروع، فقال:

Page 28