Macarij Amal
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
Genres
وأجيب: بأنا لم نكلف من ذلك ما لا نطيقه، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة}، فالاستطاعة المنفية عنا غير مكلفين بها، وإنما أمرنا بما نستطيع من ذلك، وهو قوله: {فلا تميلوا كل الميل} فالمنفي غير المأمور به، بل العدل المأمور به عين الاستطاعة، وهذه الآية كما أنها دليل عندهم على جواز التكليف بما لا يطاق هي حجة معهم على وقوعه كما ترى، والجواب ما تقدم.
ورابعها: قوله تعالى للملائكة: {أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} قالوا: فقد كلفهم الإخبار ما كانوا غير مستطعين، وذلك يوجب تكليف ما لا يطاق.
وأجيب: بأن الأمر ها هنا ليس للوجوب، وإنما هو للإعجاز، نظير قوله تعالى: {قل كونوا حجارة أو حديدا * أو خلقا مما يكبر في صدوركم}، وقوله: {فأتوا بسورة من مثله}، وقوله: {قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات}، وقوله: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} فلو سلمنا أن الأمر للوجوب فقد علق - سبحانه وتعالى - ذلك بقوله: {إن كنتم صادقين}، فالأمر إنما هو معلق بكونهم إن كانوا صادقين في ذلك، وإذا لم يقع الشرط لم يقع المشروط، ألا ترى أنه إذا قال: "قم إن كنت قادرا على القيام"، فإنما يلزم ذلك بعد قدرته على ذلك، وذلك يسقط التعلق به رأسا.
Page 111