أَفَهِمْتَ عَنْ هذا الزَّمَانِ جَوَابَهُ ... فَلَقَدْ أبانَ لَكَ العِظَاتِ وَكَرَّرَا
عَايَنْتَ مَنْ مَلأَ الصُّدُورَ مَخَافَةً ... وَكَفَاكَ ما عَايَنْتَهُ مَنْ أَخْبَرَا
يا عجبًا كَيف أنسَ بالدنيا مفارقُها، وأمِنَ النارَ واردُها، كيف يغفل من لا يُغفَلُ عنه؟ كيف يفرح بالدنيا مَنْ يومُه يهدمُ شهرَه، وشهرُه يهدم سنتَه، وسنتُه تهدم عمرَه؟
إخواني! الدنيا في إدبار، وأهلها منها في استكثار.
أين الذين ملكوا، ونالوا؟ زالوا سبقوك يا هذا والله إِلَى ما إليه آلوا.
أين المغرورون بالآل؟ آلوا إِلَى الشتات. أين المسرورون بالمال؟ مالوا إِلَى الكفات.
ظِلٌّ مِنَ الدُّنْيا تَقَلَّصَ زَائِلًا ... وَمَتَى يُذَاقُ عَلَى جَنَاهَا العَلْقَمُ
ما هذهِ الآمَالُ إِلا رَقْدةٌ ... فِيهَا بِأَضْغَاثِ الأمَانِي تَحْلُمُ (١)
• • •
_________
(١) انظر: "التبصرة" لابن الجوزي (٢/ ٩ - ١٠).
1 / 70