الغضب؟! يامضغةً، يا علقةً! خدمتنا نَسب، يا مؤثِرًا غيرَنا! بعتَ الدُّرَّ بالخشب.
أما يشوقك إِلَى الخير ما يشوق؟! أما يعوقك عن الضير ما يعوق، متى ترجع حُرًّا يا مرقوق؟! متى تصير سابقًا يا مسبوق؟! إياكَ والهوى، فكم قتل عاشقًا معشوق، أولُ الهوى سهلٌ، ثم تتخرق الخروق، كلما حصد نباته بمنجل الصبر، أخرجت العروق، إن لذّ شربُه في الفم، فشربه شَجًا في الحلوق، وإنما لَذَّةُ الدنيا مثلُ خطفِ البروق، خلِّ، خلِّ التواني إن شئت تفوق، تالله! ما نصحك إلا محبٌّ أو صدوق.
ستعلم -أيها العاصي- ما أتيت، وستدري يومَ الحساب من عصيت، وستبكي دمًا لقبيح ما جنيت، كأنك بالموت قد جاء فانتبهت وارعويت، وذكرتَ تلك الخطايا فتعست وبكيت، وأُخلي منك البيت، شئتَ أو أبيت، وصِحْت بلسان الأسف: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٩] وليت، انهض يا حيًا قادرًا قبل أن تسمى باسم مَيْت، ويحك! تأمَّلْ أمرَك، وافتح عينك، ويحك! كم تعبي من الذنوب عليك، إن سهام الموت قد فُوِّقَت إليك، اقبلْ نصحي، وقمْ نادمًا على قدميك، واحسبها أرضَ عرفةَ، وقل: لبيك لبيك.
قَالَ بعض العارفين: ما فرح أحدٌ بغير الله إلا بغفلته عن الله، فالغافلُ يفرح بلهوه وهواه، والعاقل يفرح بمولاه.
وأنشد سمنون في هذا المعنى:
1 / 50