ولياليه؟ ما ينفع المفرِّطَ فيه بكاؤه، وقد عظُمتْ فيه مصيبته، وجلَّ عزاؤه، كم نُصح المسكين فما قبل النصح! كم دُعي إِلَى المصالحة، فما أجاب إِلَى الصلح!
كم شهدَ الواصلينَ فيه وهو متباعد! وكم مرت به زُمَرُ السائرين وهو قاعد! حَتَّى إذا ضاق به الوقت، وحاقَ به المقت، ندم على التفريط حين لا ينفعه الندم، وطلب الإستدراك في وقت العدم.
أتَتْرُكُ مَنْ تُحِبُّ وَأَنْتَ جَارُ ... وَتَطْلُبُهُمْ إِذَا بَعُدَ المَزَارُ
وَتَبْكِي بَعْدَ نَأْيهِمُ اشْتِياقًا ... وَتَسْأَلُ في المَنَازِلِ أَيْنَ سَارُوا
تَرَكْتَ سُؤَالَهُمْ وَهُمُ حُضُورٌ ... وَتَرْجُو أَنْ تُخَبِّرَكَ الدِّيَارُ
فَنَفْسَكَ لُمْ وَلا تَلُمِ المَطَايَا ... وَمُتْ كَمَدًا فَلَيْسَ لَكَ اعْتِذَارُ
إخواني! ليلةُ القدر ليلةٌ يُفتح فيها الباب، وتقرب فيها الأحباب، ويسمع الخاطب، ويرد الجواب، ويسني العاملين عظمُ الأجر ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: ٥].
يَسْعَدُ بها المواصل، ويتقي فيها الجاهل، ويقبل فيها ربح العامل في التجر ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: ٥].
ليلة تتلقى فيها الوفود، ويحصل على المقصود، والقبول وافى
1 / 27