Maʿānī al-Qurʾān wa-iʿrābihi
معاني القرآن وإعرابه
Editor
عبد الجليل عبده شلبي
Publisher
عالم الكتب
Edition Number
الأولى ١٤٠٨ هـ
Publication Year
١٩٨٨ م
Publisher Location
بيروت
بَأسًا وبَاسًا (وبُؤسًا) يا هذا إذا افتقر وقد بؤس الرجل ببؤس، فهو بَئيس إذا
اشتدت شجاعته.
* * *
وقوله ﷿: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٨)
معنى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ) فرض عليكم، وقوله (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى): يقال إنه كان لقوم من العرب طَول على آخرين فكانوا يتزوجون فيهم بغير مهور، ويطلبون بالدم أكثر من مقداره، فيقتلون بالعبد من عبيدهم الحر من الذين لهم عليهم طولٌ فأنزل اللَّه ﷿: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ).
أي من ترك له القتل ورضي منه بالدِّية -
وهو قاتل متعمد للقتل عفى له بأن ترك له دمُه، ورضي منه بالدية - قال اللَّه ﷿: (ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) وذكر أن من كان قبلنا لم يفرض عليهم إلا النفس -
كما قال ﷿: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) أي في التوراة - فتفضل اللَّه على هذه الأمة بالتخفيف والدية إذا
رضي بها وفيُ الدم.
ومعنى (فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) على ضربين: جائز أن يكون
فعلَى صاحب الدم اتباع بالمعروف، أي المطالبة بالدية، وعلى القاتل أداء
بإحسان - وجائز أن يكون الإتباع بالمعروف والأداء بإحسان جميعًا على
القاتل - واللَّه أعلم.
وقوله غز وجلَّ: (فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
أي بعد أخذ الدية، ومعنى اعتدى: ظلم، فوثب فقتل قَاتِلَ صَاحِبِه بعد أخذ الدية - (فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي موجع.
1 / 248