161

Maʿānī al-Qurʾān wa-iʿrābihi

معاني القرآن وإعرابه

Investigator

عبد الجليل عبده شلبي

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى ١٤٠٨ هـ

Publication Year

١٩٨٨ م

Publisher Location

بيروت

يعني، أنشاهما على غير حِذَاءٍ ولا مِثَال، وكل من أنْشَأ ما لَم يُسْبَق إليه
قيل له أبدعت، ولهذا قيل لكل من خالف السُّنَّةَ والإجماعَ مبتدع، لأنه يأتي
في دين الإِسلام بما لم يسبقه إِليه الصحابة والتابعون.
وقوله: ﷿: (وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
رفع (يكون) من جهتين: إِن شئت على العطف على يقول، وإِن شئت
الاستئناف.
المعنى فهو يكون، ومعنى الآية قد تكلم الناس فيها بغير قول:
قال بعضهم: إِنما يقول له (كُنْ فَيَكُونُ) إِنما يريد، فيحدث
كما قال الشاعر:
امْتَلأ الحوضُ وقال قَطْنِي. . . مهلًا رويدًا قد ملأت بطني
والحوض لم يقل.
وقال بعض أهل اللغة - (إِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
يقول له وإِن لم يكن حاضرًا: كن، لأن ما هو معلوم عنده بمنزلة الحاضر.
وقال قائل: (إِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) له معنى من أجلها فكأنه إنما يقول
من أجل إِرادته إِياه (كُنْ) أي أحدُث فيحدث، وقال قوم: هذا يجوز أن تكون لأشياءَ معلومة أحدث فيها أشياءَ فكانت، نحو قوله:
(فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين). واللَّه أعلم.
* * *
وقوله ﷿: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨)
(لولا) معنى هلا، المعنى: هلا يكلمنا الله أو تأْتينا آية، فأعلم اللَّه
﷿ أن كفرهم في التعنُّتِ بطلب الآيات على اقتراحهم كقول الذين من
قبلهم لموسى: (أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً)، وما أشبه هذا، فأعلم الله أن كفرهم متشابه، وأن قلوبهم قد تشابهت في الكفر.

1 / 199