157

Maʿānī al-Qurʾān wa-iʿrābihi

معاني القرآن وإعرابه

Investigator

عبد الجليل عبده شلبي

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى ١٤٠٨ هـ

Publication Year

١٩٨٨ م

Publisher Location

بيروت

وقوله ﷿: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢)
أي فهذا يدخل الجنة، فإن قال قائل فما برهان من آمن في قولكم، قيل
ما بيناه، من الاحتجاج للنبي ﷺ ومن إظهار البراهين بأنبائهم ما لا يعلم إِلا من كتاب أو وحي، وبما قيل لهم في تمني الموت، وما أتى به النبي ﷺ من الآيات الدالة على تثبيت الرسالة، فهذا برهان من اسلم وجهه للَّهِ.
* * *
وقوله ﷿: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣)
يعني به أن الفريقين يَتْلُوَان التوراة، وقد وقع يينهم هذا الاختلاف
وكتابهم واحد، فدل بهذا على ضلالتهم، وحذر بهذا وقوع الاختلاف في
القرآن، لأن اختلاف الفريقين أخرجهما إلى الكفر.
فتفهموا هذا المكان فإن فيه حجةً عظيمة وعِظَةً في القرآن.
* * *
وقوله ﷿: (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ).
يعني به الذين ليسوا بأصحاب كتاب، نحو مشركي العرب والمجوس.
المعنى أن هؤلاء أيضًا قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا.
وقوله ﷿: (فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
المعنى يريهم من يدخل الجنة عِيانًا، ويدخل النار عيانا.
وهذا هو حكم الفصل فيما تصير إليه كل فرقة، فأما الحكم بينهم في العقيدة فقد بينه اللَّه ﷿ فيما أظهر من حجج المسلمين، وفي عجز الخلق عن أن يأتوا بمثل القرآن.
* * *
وقوله ﷿: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١٤)
موضع (مَنْ) رفع ولفظها لفظ استفهام، المعنى: وأي أحد أظلم ممن منع

1 / 195