Makānī al-akhbār
مcاني الأخبار
Investigator
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
Publisher Location
بيروت / لبنان
حَدِيثٌ آخَرُ
- ح حَاتِمٌ قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ مَمْطُورٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ الْفُسَّاقَ هُمْ أَهْلُ النَّارِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَمَا الْفُسَّاقُ؟ قَالَ: «النِّسَاءُ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَ أُمَّهَاتِنَا وَأَخَوَاتِنَا وَبَنَاتِنَا؟ قَالَ ﷺ: «وَلَكِنَّهُنَّ إِذَا أُعْطِينَ لَمْ يَشْكُرْنَ وَإِذَا ابْتُلِينَ لَمْ يَصْبِرْنَ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ ﵀: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْعَطَاءَ وَلَمْ يَصْبِرْ عِنْدَ الْبَلَاءِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣]، فَأَخْبَرَ أَنَّ الشَّكُورَ فِي الْعِبَادِ قَلِيلٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣] أَيِ الشَّكُورُ مِنَ النَّاسِ قَلِيلٌ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي النَّاسِ قَلِيلٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِآدَمَ ﵇: ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ، فَيَقُولُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ " فَالْوَاحِدُ مِنَ الْأَلْفِ قَلِيلٌ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ» . فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الشَّكُورُ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ وَالْمُوَحِّدِينَ بِأَجْمَعِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّكُورُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَلِيلًا، ذَلِكَ إِنَّ الشَّكُورَ هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي صِفَةِ الشُّكْرِ فَيَكُونُ شَاكِرٌ وَشَكَّارٌ وَشَكُورٌ، فَالشَّكُورُ الَّذِي يَشْكُرُ فِي كُلِّ حَالٍ، وَلَا يَكَادُ يَكْفُرُ نِعْمَةً مَا، وَمِثْلُ هَذَا فِي الْمُؤْمِنِينَ قَلِيلٌ وَكُلُّهُمْ شَاكِرُونَ، وَالشَّكَّارُ فِيهِمْ كَثِيرٌ، وَالشَّكُورُ قَلِيلٌ فَيَكُونُ عَامَّةُ الْمُؤْمِنِينَ شَاكِرِينَ، وَالشَّكُورُ مِنْهُمْ قَلِيلٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ ⦗٣٢٥⦘ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣] بِيَاءِ الْإِضَافَةِ، وَهَذَا تَخْصِيصٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى كَأَنَّهُ خَصَّ مِنَ الْعِبَادِ مَنْ أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَكُلُّهُمْ عِبَادُهُ مِنْ جِهَةِ الْمِلْكِ. وَمَعْنَى تَفْسِيرِ الْفُسَّاقِ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ أَنَّ صِفَةَ كُفْرَانِ الْعَطَاءِ وَتَرْكِ الصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلَاءِ فِيهِنَّ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي نُقْصَانٍ مِنْ آلَةِ الشُّكْرِ وَالصَّبْرِ وَعِلَّتِهِمَا، وَذَلِكَ هَوَانُ الْعَقْلِ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا رَأَيْتُ مِنَ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَسْلَبَ لِقُلُوبِ الرِّجَالِ مِنْهُنَّ» وَنُقْصَانُ دِينِهِنَّ بِالْحَيْضِ، وَنُقْصَانِ عَقْلِهِنَّ بِالشَّهَادَةِ. فَالشُّكْرُ وَالصَّبْرُ مِنْ أَوْصَافِ أَهْلِ الدِّينِ، فَمَنْ رَقَّ دِينُهُ وَسَخِفَ عَقْلُهُ، قَلَّ شُكْرُهُ وَصَبْرُهُ، وَمَنْ تَرَكَ الشُّكْرَ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ، وَالصَّبْرَ فِي أَكْثَرِ الْبَلْوَى، فَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَوْصَافِ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعَقْلِ، وَالنَّارُ مَأْوَى مَنْ لَا دَيِنَ لَهُ وَلَا عَقْلَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ أَهْلِ النَّارِ ﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾ [المدثر: ٤٤]، فَهَذَا مِنْ بَابِ الدِّينِ ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المدثر: ٤٥]، فَهَذَا مِنْ بَابِ الْعَقْلِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ ﷺ: اللَّاتِي لَا يَشْكُرْنَ الْعَطَاءَ، وَلَا يَصْبِرْنَ عَلَى الْبَلَاءِ فِي عَامَّةِ أَوْقَاتِهِنَّ، وَأَكْثَرِ حَالَاتِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ فُسَّاقٌ، وَالْفُسَّاقُ فِي النَّارِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «قُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ يَدْخُلُهَا النِّسَاءُ» .
1 / 324