Macani al-ahbar
مcاني الأخبار
Investigator
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
Publisher Location
بيروت / لبنان
حَدَّثَنَاهُ عِصمَةُ بْنُ مَحْمُودٍ، قَالَ: ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ح أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ الْمَدَنِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ: ح عَمْرُو بْنُ الْأَزْهَرِ، عَنْ أَبَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا اغْتَابَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ، فَإِنَّهُ كَفَّارَتُهُ» ⦗٢٣٥⦘ وَهَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِيمَا لَمْ يَبْلُغِ الْمُغْتَابُ عَنْهُ، فَأَمَّا إِذَا بَلَغَهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرْضِيَهُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ تَائِبٌ صَادِقٌ مُخْلِصٌ، وَاللَّهُ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، وَهُوَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَمَنْ عَصَى اللَّهُ فِي تَضْيِيعِ أَوَامِرِهِ وَتَرْكِ فَرَائِضِهِ، وَظُلْمِ عِبَادِهِ مِنْ أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ، وَضَرْبِ أَبْشَارِهِمْ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اللَّهِ نَادِمًا عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ مُسْتَقْبِلًا أَدَاءَ فُرُوضِهِ، وَإِقَامَةَ أُمُورِهِ، بَاذِلًا مَجْهُودَهُ فِي قَضَاءِ مَا فَرَّطَ فِيهِ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، وَإِرْضَاءِ عِبَادِ اللَّهِ، فَهُوَ تَائِبٌ مُخْلِصٌ صَادِقٌ، وَمَنِ اسْتَقْبَلَ فُرُوضَ اللَّهِ، وَإِقَامَةَ أُمُورِهِ، وَتَرَكَ ظُلْمَ عِبَادِهِ، وَلَمْ يَسْعَ فِي قَضَاءِ فَوَائِتِهِ، وَإِرْضَاءِ خُصُومِهِ، وَهُوَ مُمَكَّنٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَيْسَ بِتَائِبٍ عِنْدَ عَامَّةِ مَنْ يَقُولُ بِالْإِحْبَاطِ، وَالْوَعِيدِ، وَلَا يَنْفَعُهُ مَا اسْتَقْبَلَ مِمَّا سَلَفَ، وَهُوَ تَائِبٌ فِيمَا اسْتَقْبَلَ، عَاصٍ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ إِرْضَاءِ الْخُصُومِ، وَقَضَاءِ الْفُرُوضِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرَّاجِينَ، وَمَنْ يَفْعَلُ بِالْمَشِيئَةِ، وَهُوَ مِنَ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا، وَآخَرَ سَيِّئًا، يُرْجَى لَهُ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ فِي الْعُقْبَى، وَيَتُوبَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٠٢] فَرَجَاءُ التَّوْبَةِ عَلَيْهِمْ، وَالْمَغْفِرَةِ لَهُمْ، وَرَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ. وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ، فَقَالَ ﷺ: «سَيَنْهَاهُ عَمَّا تَقُولُ»، فَرَجَا ﷺ التَّوْبَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٢]، وَمَنْ لَمْ يُمَكَّنْ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، وَإِرْضَاءِ عِبَادِ اللَّهِ؛ لِزَمَانَةٍ أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ، أَوْ عَدَمٍ، فَإِنَّ النَّدَمَ لَهُ - بِمُجَرَّدِهِ - تَوْبَةٌ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِلَّا طَائِفَةً يَسِيرَةً، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ تَابَ وَهُوَ يُغَرْغِرُ بِالْمَوْتِ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» ⦗٢٣٦⦘، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِتَلَاوُمٍ فِيمَا فَاتَ، فَلَيْسَ لَهُ تَوْبَةٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ، إِلَّا النَّدَمُ بِالْقَلْبِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ مُسْتَسْلِمًا، يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بِلِسَانِهِ، وَيُقْبِلُ عَلَى اللَّهِ بِقَلْبِهِ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ مَنْ تَابَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: ٦٨] إِلَى أَنْ قَالَ: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾ [مريم: ٦٠]، فَاسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى التَّائِبَ مِمَّا أَوْعَدَ، وَيُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدَّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [الفرقان: ٧٠]، وَمَنْ بَدَّلَ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ قَبِلَهَا مِنْهُ، وَالْحَسَنَاتُ إِذَا قُبِلَتْ ضُوعِفَ الثَّوَابُ عَلَيْهَا، وَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِالْمَعَاصِي وَالْآثَامِ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، فَإِنَّهُ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ يُرْجَى لَهُ، وَيُخَافُ عَلَيْهِ. أَمَّا الرَّجَاءُ، فَلِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي»، فَيَجُوزُ أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ ﷺ، أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ بِفَضْلِهِ، فَإِنَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، وَقَدْ شَرَطَ مَشِيئَتَهُ فِي غُفْرَانِ مَا دُونَ الشِّرْكِ، فَقَالَ: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِيمَا
1 / 234