121

Macani al-ahbar

مcاني الأخبار

Investigator

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

Publisher Location

بيروت / لبنان

، كَانَتِ الْبَقِيَّةُ هُمُ الَّذِينَ لِلَّهِ فِيهِمْ حَاجَةٌ عَلَى مَا قَالَ ﷺ، أَيْ: هُمْ صَفْوَةُ مَنْ بَقِيَ، وَمِنْ وَرَائِهِمُ الْخَيْرُ مِمَّنْ هَدَاهُمْ لِلْإِيمَانِ، وَطَهَّرَ قُلُوبَهُمْ، وَصَفَّى أَسْرَارَهُمْ، وَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ، وَقَرَّبَهُمْ إِلَيْهِ، وَإِنْ أَبْطَأَ بِهِمُ الْقُوتُ، وَتَأَخَّرَتْ بِهِمُ الْمُدَّةُ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ مُنَافِقٌ، وَلَا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْهُمْ مُرَتَدٌّ، وَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَارْتَدَّ الْعَرَبُ، أَوْ أَكْثَرُهَا، وَلَمْ تَرْتَدَّ قُرَيْشٌ، وَلَا أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى كَرَاهَتِهِمْ فِي الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، وَنَأَى بِهِمْ عَنْهُ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ، وَتَرَبَّصَهُمْ بَعْدَ الْفَتْحِ، حَتَّى جَعَلَ لَهُمْ مُدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ [التوبة: ٢]، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ ذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ فِرَارًا مِنَ الْإِسْلَامِ، كَرَاهَةً لَهُ، حَتَّى بَلَغَ الْبَحْرَ، وَلَهُ قِصَّةٌ، ثُمَّ بَلَغَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِهِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَشَرَ الْمُصْحَفَ يَقُولُ: هَذَا كَلَامُ رَبِّي، فَيُغْشَى عَلَيْهِ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَهُوَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مَا كَانَ بَلَغَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِهِ أَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ، وَقُتِلَ شَهِيدًا، وَحَثَّ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، وَخَطَبَ خُطْبَةً بَلِيغَةً بَلَغَتْ مِنَ النَّاسِ مُبَلِّغًا، كَانَ سَبَبَ الْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ كَانَ يَسْأَلُ اللَّهَ الشَّهَادَةَ فِي أَغْوَارِ الدِّينِ، وَحَكِيمُ بْنُ حِرَامٍ بَاعَ دَارَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّينَ أَلْفًا، فَقَالُوا لَهُ: غَبَنَكَ وَاللَّهِ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَخَذْتُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا بِزِقٍّ مِنْ خَمْرٍ، وَأُشْهِدُكُمْ أَنَّهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالرِّقَابِ، فَأَيُّنَا الْمَغْبُونُ؟، وَهَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَجَمِيعُ مَسْلَمَةِ الْفَتْحِ، وَإِنْ أَبْطَأَتْ بِهِمُ الْمُدَّةُ، وَتَأَخَّرَ دُخُولُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَدْ بَلَغَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِهِمُ الْمَبْلَغَ الْعَلِيَّ، فَهُمُ الَّذِينَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «فَإِنَّ لِلَّهِ فِيهِمْ حَاجَةً»، أَيْ: لِلَّهِ فِيهِمْ إِرَادَةُ خَيْرٍ، وَمَشِيئَةُ فَضْلٍ، وَوَدَائِعُ يُودِعُهَا اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَارَهُمْ، وَأَنْوَارًا يَجْعَلُهَا فِي صُدُورِهِمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٢٢] وَأَمَّا سَائِرُ النَّاسِ، فَأَخَذَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ صَفْوتَهُمْ، وَجَاءُوا إِلَى الْإِسْلَامِ رَاغِبِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا﴾ [النصر: ٢]، وَبَقِيَتْ حُثَالَةٌ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ، فَقَالَ: اقْطَعُوهُمْ قَطْعًا. أَلَا يُرَى أَنَّ أَكْثَرَ مَنِ انْفَلَتَ، وَدَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ كَرْهًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: ١٤]، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ تَعَالَى النَّبِيَّ ﷺ، ارْتَدُّوا حَتَّى جَذَّهُمْ أَبُو بَكْرٍ ﵁ جَذًّا

1 / 173