Macani al-ahbar
مcاني الأخبار
Investigator
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
Publisher Location
بيروت / لبنان
قَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الْأَزْرَقُ قَالَ: ح الْوَاقِدِيُّ قَالَ: ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ» وَالْمُفَتَّنُ التَّوَّابُ مُقْبِلٌ عَلَى اللَّهِ مُوَاجِهٌ لَهُ، رَاجِعٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ إِلَيْهِ، كُلَّمَا صَرَفَتْهُ عَنْهُ فِتْنَةٌ رَدَّتْهُ إِلَيْهِ تَوْبَةٌ، وَالتَّوْبَةُ هِيَ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا الْأَوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ، غَيْرَ أَنَّ التَّوْبَةَ يُقَالُ عِنْدَ الرُّجُوعِ مِنَ الْمَنَاهِي وَالْمَعَاصِي بِالِاسْتِغْفَارِ، وَالْأَوْبَةُ أَكْثَرُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الرُّجُوعِ مِنْ حَالَةِ الطَّاعَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالشُّكْرِ وَالْحَمْدِ، وَالْعَبْدُ بَيْنَ حَالَتَيْنِ: حَالَةِ طَاعَةٍ، وَحَالَةِ مَعْصِيَةٍ، وَهُمَا صِنْفَانِ لِلْعَبْدِ، لَا يَكَادُ يَنْفَكُّ مِنْهُمَا، وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ بِالرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَفِي كُلِّ حَالٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٣١]، فَمَنْ رَجَعَ إِلَى اللَّهِ مِنْ صِفَتِهِ الَّتِي هِيَ الْمَعْصِيَةُ ⦗١٥٥⦘ فَهُوَ تَوَّابٌ، وَمَنْ رَجَعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صِفَتِهِ الَّتِي هِيَ الطَّاعَةُ فَهُوَ أَوَّابٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ أَيُّوبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ٤٤] فَالْمَوْصُوفُ بِالْمَعْصِيَةِ مَأْمُورٌ بِالرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِ: أسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَالْمَوْصُوفُ بِالطَّاعَةِ مَأْمُورٌ بِالرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَقَامَ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي هِيَ الْمَعْصِيَةُ وَلَمْ يَرْجِعْ مِنْهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مُصِرٌّ، وَمَنْ سَكَنَ إِلَى صِفَتِهِ الَّتِي هِيَ الطَّاعَةُ، وَلَمْ يَرْجِعْ فِيهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ إِمَّا مُرَاءٍ أَوْ مُعْجَبٌ أَوْ مُشْرِكٌ فَمَنْ نَظَرَ إِلَى الْخَلْقِ فِي حَالِ الطَّاعَةِ فَهُوَ مُرَاءٍ، وَمَنْ نَظَرَ إِلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مُعْجَبٌ، فَمَنْ أَرَادَ بِهَا عِوَضًا غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مُشْرِكٌ، وَمَنْ نَظَرَ مِنْ حَالِ الْمَعْصِيَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْخَوْفِ وَالرَّهْبَةِ وَالْحَيَاءِ فَرَجَعَ إِلَى اللَّهِ بِالنَّدَمِ وَالِاسْتِغْفَارِ فَهُوَ حَبِيبُ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، وَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ فِي حَالِ الطَّاعَةِ بِرُؤْيَةِ الْمِنَّةِ وَشُهُودِ التَّوْفِيقِ بِالشُّكْرِ لَهُ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، فَهُوَ حَبِيبُ اللَّهِ، مُحْسِنٌ، قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٤]، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ؛ لِأَنَّ الْمُحِبَّ يُحِبُّ إِقْبَالَ مَحْبُوبِهِ عَلَيْهِ، وَنَظَرَهُ إِلَيْهِ، وَيَكْرَهُ إِعْرَاضَهُ عَنْهُ، وَاشْتِغَالَهُ بِسِوَاهُ بِدُونِهِ، وَنَظَرَهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَاللَّهُ ﷿ مِنْ مَحَبَّتِهِ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ لَهُ نَظَرَهُ إِلَى غَيْرِهِ وَاشْتِغَالَهُ بِسِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَنَدَبَ إِلَيْهِ وَيُحِبُّ لَهُ رُجُوعَهُ وَإِقْبَالَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ مِنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِيمَا يَرْوِي عَنِ اللَّهِ ﷿: «عَبْدِي إِنْ لَقِيتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَقِيتُكَ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً»، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾ [الزمر: ٥٤] الْآيَةَ
1 / 154