Macalim Usul Din
معالم أصول الدين
Investigator
طه عبد الرؤوف سعد
Publisher
دار الكتاب العربي
Publisher Location
لبنان
Genres
Creeds and Sects
بِعَدَمِ لَا أول لَهُ فَتلك العدمات بأسرها مجتمعة فِي الْأَزَل فَإِن حصل مَعهَا شَيْء من الموجودات لزم كَون السَّابِق مُقَارنًا للمسبوق وَهُوَ محَال وَإِن لم يحصل مَعهَا شَيْء من الموجودات كَانَت تِلْكَ الحركات أول وَهُوَ الْمَطْلُوب
وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه يمْتَنع كَون الْأَجْسَام سَاكِنة فِي الْأَزَل لأَنا قد دللنا على أَن السّكُون صفة مَوْجُودَة فَنَقُول هَذَا السّكُون لَو كَانَ أزليا امْتنع زَوَاله وَلَا يمْتَنع زَوَاله فَلَا يكون أزليا بَيَان الْمُلَازمَة أَن الأزلي إِن كَانَ وَاجِبا لذاته وَجب أَن يمْتَنع عَدمه وَإِن كَانَ مُمكنا لذاته افْتقر إِلَى الْمُؤثر الْوَاجِب لذاته قطعا للدور والتسلسل
وَذَلِكَ الْمُؤثر يمْتَنع أَن يكون فَاعِلا مُخْتَارًا لِأَن الْفَاعِل الْمُخْتَار إِنَّمَا يفعل بِوَاسِطَة الْقَصْد وَالِاخْتِيَار وكل من كَانَ كَذَلِك كَانَ فعله مُحدثا فالأزلي يمْتَنع أَن يكون فعلا للْفَاعِل الْمُخْتَار وَإِن كَانَ ذَلِك الْمُؤثر مُوجبا فَإِن كَانَ تَأْثِيره غير مَوْقُوف على شَرط لزم من وجوب دوَام تِلْكَ الْعلَّة وجوب دوَام ذَلِك الْأَثر وَإِن كَانَ مَوْقُوفا على شَرط فَذَلِك الشَّرْط لَا بُد وَأَن يكون وَاجِبا لذاته أَو مُوجبا لواجب لذاته بِالدَّلِيلِ الَّذِي سبق ذكره فَحِينَئِذٍ تكون الْعلَّة وَشرط تأثيرها وَاجِبا لذاته فَوَجَبَ دوَام الْمَعْلُول فَثَبت أَن هَذَا السّكُون لَو كَانَ أزليا لامتنع زَوَاله
وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه لَا يمْتَنع زَوَاله لِأَن الْأَجْسَام متماثلة وَمَتى كَانَ كَذَلِك كَانَ الْجِسْم جَائِز الْخُرُوج عَن حيزه وَمَتى كَانَ كَذَلِك كَانَ ذَلِك السّكُون جَائِز الزَّوَال
وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْأَجْسَام متماثلة لِأَنَّهَا فِي الجسمية والحجمية والامتداد فِي الْجِهَات فَإِن لم يُخَالف بَعْضهَا بَعْضًا فِي شَيْء من أَجزَاء الْمَاهِيّة فقد ثَبت التَّمَاثُل وَإِن حصلت هَذِه الْمُخَالفَة فَمَا بِهِ الْمُشَاركَة وَهُوَ مَجْمُوع الجسمية مُغَاير لما بِهِ الْمُخَالفَة وَعند هَذَا نقُول وَإِن كَانَ مَا بِهِ الْمُشَاركَة محلا وَمَا بِهِ الْمُخَالفَة حَالا فَهَذَا يَقْتَضِي كَون الذوات الَّتِي هِيَ
1 / 42