فأتى دَمِثًا في أصل جدار فبال ثم قال: «إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتَدْ لِبَوله» .
الدمث المكان السهل الذي يُخد فيه البول فلا يرتد على البائل. يُقال للرجل إذا وُصف باللين والسهولة أنه لدمث الخلق وفيه دماثة. وقوله فليرتد أي ليطلب وليتحر، ومنه المثل إن الرائد لا يكذب أهله، وهو الرجل يبعثه القوم يطلب لهم الماء والكلأ، يقال رادهم يرودهم ريادًا وارتاد لهم ارتيادًا.
وفيه دليل على أن المستحب للبائل إذا كانت الأرض التي يريد القعود عليها صلبة أن يأخذ حجرًا أو عودًا فيعالجها به ويثير ترابها ليصير دمثًا سهلًا فلا يرتد بوله عليه.
قلت: ويشبه أن يكون الجدار الذي قعد إليه النبي ﷺ جدارًا عاديًا غير مملوك لأحد من الناس فإن البول يضر بأصل البناء ويوهي أساسه وهو ﵇ لا يفعل ذلك في ملك أحد إلاّ بإذنه، أو يكون قعوده متراخيًا عن جذمه!!! فلا يصيبه البول فيضر به.
ومن باب ما يقول إذا دخل الخلاء
قال أبو داود: حدثنا عمرو هو ابن مرزوق البصري حدثنا شعبة عن قتادة عن النَّضر بن أنس عن زيد بن أرقم عن النبي ﷺ قال: «إنّ هذه الحُشُوش محتَضرَةٌ فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل أعوذ بالله من الخُبُثِ والخَبائِث» .
الحشوش الكنف وأصل الحش جماعة النخل الكثيفة وكانوا يقضون حوائجهم إليها قبل أن يتخذوا الكنف في البيوت وفيه لغتان حَش وحُش. ومعنى محتضرة أي تحضرها الشياطين وتنتابها. والخُبث بضم الباء جماعة الخبيث، والخبائث جمع الخبيثة يريد ذكران الشياطين وإناثهم، وعامة أصحاب الحديث يقولون الخبث
1 / 10