ومن باب أيصلي الرجل وهو حاقن
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد، عَن أبي حزرة، قال: حَدَّثنا عبد الله بن محمد أخو القاسم بن محمد قال كنا عند عائشة فجيء بطعامها فقام القاسم بن محمد يصلي فقالت سمعت رسول الله ﷺ يقول لا يصلي بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان.
إنما أمر ﷺ أن يبدأ بالطعام لتأخذ النفس حاجتها منه فيدخل المصلي في صلاته وهو ساكن الجأش لا تنازعه نفسه شهوة الطعام فيعجله ذلك عن إتمام ركوعها وسجودها وإيفاء حقوقها وكذلك إذا دافعه البول فإنه يصنع به نحوا من هذا الصنيع، وهذا إذا كان في الوقت فضل يتسع لذلك، فأما إذا لم يكن فيه متسع له ابتدأ الصلاة ولم يعرج على شيء سواها.
قال أبو داود: حدثنا محمود بن خالد حدثنا أحمد بن علي حدثنا ثور عن يزيد بن شريح الحضرمي، عَن أبي حي المؤذن، عَن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال (لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حاقن حتى يتخفف ولا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم قومًا إلا بإذنهم ولا يخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم) .
قوله لا يحل لرجل أن يؤم قوما إلاّ بإذنهم يريد أنه إذا لم يكن باقرئهم ولا بافقههم لم يجز له الاستبداد عليهم بالإمامة فأما إذا كان جامعا لأوصاف الإمامة بأن يكون أقرأ الجماعة وأفقههم فإنهم عند ذلك يأذنون له لا محالة في الإمامة بل يسألونه ذلك ويرغبون إليه فيها وهو إذ ذاك أحقهم بها أذنوا له أو لم يأذنوا.
وإنما هذا كقوله ﷺ: من تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله، والمعنى
1 / 45