وفيه البيان الواضح أنه لا يطهره أقل من عدد السبع وأن تعفيره بالتراب واجب. وإذا كان معلومًا أن التراب أنمّا ضم إلى الماء استظهارا في التطهير وتوكيدا له لغلظ نجاسة الكلب فقد عقل أن الأشنان وما أشبهه من الأشياء التي فيها قوة الجلاء والتهير بمنزلة التراب في الجواز.
وفي دليل على أن الماءالمولوغ فيه نجس لأن الذي قد مسه الكلب هو الماء دون الإناء فلولا أن الماء نجس لم يجب تطهير الإناء منه.
ويؤيد ذلك قوله في رواية أخرى إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه وليغسله سبعا من طريق علي بن مُسهر عن الأعمش، عَن أبي صالح، عَن أبي هريرة عن النبي ﷺ حدثناه غير واحد من أصحابنا قالوا حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن يحيى حدثنا إسماعيل بن خليل حدثنا علي بن مسهر. ولو كان المولوغ فيه باقيا على طهارته لم يأمر بإراقته، وقد يكون لبنا وزيتا ونحو ذلك من المطعوم وقد نهى ﷺ عن إضاعة المال. وذهب بعض أهل الظاهر إلى أن الماء طاهر وأن غسل الإناء تعبد، وقد دل الحديث على فساد هذا القول وبطلانه.
وذهب مالك والأوزاعي إلى أنه إذا لم يجد ماءً غيره توضأ به، وكان سفيان الثوري يقول يتوضأ به إذا لم يجد ماء غيره. ثم يتيمم بعده. فدل هذا من فتواهم على أن الماء المولوغ فيه عندهم ليس على النجاسة المحضة، وخالفهم من سواهم من أهل العلم ومنعوا التطهير به وحكموا بنجاسته.
وفي الخبر دليل على أن الماء القليل إذا حلته نجاسة فسد، وفيه دليل على تحريم بيع الكلب إذ كان نجس الذات فصار كسائر النجاسات.
1 / 40