(ورَغِبتُ عَن ذِكِر الوصَالِ لِأَنَّهَا ... تُبنَى الأمُورُ على خِلافِ مرادي) // الْكَامِل //
وَالْعَبَّاس بن الْأَحْنَف هُوَ خَال إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الصولي وَهُوَ حَنَفِيّ يمامي وَكَانَ رَقِيق الْحَاشِيَة لطيف الطباع وَله مَعَ الرشيد أَخْبَار قَالَ بشار مَا زَالَ غُلَام من بني حنيفَة يدْخل نَفسه فِينَا ويخرجها حَتَّى قَالَ
(أبْكِي الذينَ أذاقوني مودَّتَهمُ ... حَتَّى إِذا أيْقظونِي لِلهوى رقدُوا)
(وَاستنهضوني فَلَمَّا قُمتُ مُنتصبًا ... بثقل مَا حمَّلوني مِنهمُ قعدُوا)
(لأخْرجنَّ من الدُّنيا وحبُّهم ... بَين الجَوانح لم يَشعرْ بِهِ أحد) // الْبَسِيط //
وَكَانَ فِي الْعَبَّاس آلَات الظّرْف كَانَ جميل المنظر نظيف الثَّوْب فاره الْمركب حسن الْأَلْفَاظ كثير النَّوَادِر شَدِيد الِاحْتِمَال طَوِيل المساعدة
طلبه يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي يَوْمًا فَقَالَ إِن مَارِيَة هِيَ الْغَالِبَة على أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإنَّهُ جرى بَينهمَا عتب فَهِيَ بعزة دَالَّة المعشوق تأبى أَن تعتذر وَهُوَ بعز الْخلَافَة وَشرف الْملك وَالْبَيْت يَأْبَى ذَلِك وَقد رمت الْأَمر من قبلهمَا فأعياني وَهُوَ أَحْرَى أَن تستفزه الصبابة فَقل شعرًا تسهل بِهِ عَلَيْهِ هَذِه الْقَضِيَّة وَأَعْطَاهُ دَوَاة وقرطاسًا فَطَلَبه الرشيد فَتوجه إِلَيْهِ ونظم الْعَبَّاس قَوْله
(العاشقانِ كِلاهما مُتغضِّبُ ... وكِلاهما مُتوجِّدٌ مُتجنِّبُ)
1 / 54