وَيُقَال إِنَّه مر وَهُوَ سَكرَان على كلاب مجتمعة فَسلم عَلَيْهِم فَلَمَّا لم يسمع الْجَواب أنشأ يَقُول
(فَمَا ردّ السَّلامَ شيوخُ قَومٍ ... مَررتُ بهم على سِكَك البريدِ)
(ولاَ سيمَا الذِي كانتْ عَليهِ ... قطيفة أرجُوَانٍ فِي الْقعُود) // الوافر //
وَقَالَ مَا أعياني جوابٌ قطّ إِلَّا جَوَاب دهقان مرّة قَالَ لي أَنْت الفرزدق الشَّاعِر قلت نعم قَالَ إِن هجوتني تخرب ضيعتي قلت لَا قَالَ فتموت عيشونة ابْنَتي قلت لَا قَالَ فرجلي إِلَى عنقِي فِي حر أمك فَقلت وَيحك لم تركت رَأسك قَالَ حَتَّى أنظر أَي شَيْء تصنع يَا ابْن الزَّانِيَة
وَكَانَ الفرزدق يَقُول خير السّرقَة مَا لَا يقطع فِيهِ يَعْنِي بذلك سَرقَة الشّعْر
وَقَالَ قد علم النَّاس أَنِّي أفحل الشُّعَرَاء وَرُبمَا أَتَت عَليّ السَّاعَة وَقلع ضرس من أضراسي أَهْون عَليّ من قَول بَيت
وَمن جيد شعره قَوْله
(قَالَت وَكَيف يميلُ مِثلكَ لِلصِّبا ... وعَليكَ مِنْ سِمةِ الحَليم وقارُ)
(والشَّيبُ يَنهضُ فِي الشَّبابِ كأنهُ ... لَيلٌ يَصيحُ بجانبيهِ نَهَار) // الْكَامِل //
وَقيل للعين الْمنْقري اقْضِ بَين جرير والفرزدق فَقَالَ
(سأقضي بَين كلب بَني كليْبٍ ... وبينَ القَينِ قَينِ بني عِقال)
(فإنَّ الكلبَ مَطعمُهُ خَبيثٌ ... وإنَّ القَينَ يَعملُ فِي سِفال)
(فَمَا بُقْيَا عَليَّ تركْتماني ... ولكنْ خِفتُما صرد النِّبال) // الوافر //
وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء حضرت الفرزدق وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ فَمَا رَأَيْت أحسن ثِقَة مِنْهُ بِاللَّه تَعَالَى
توفّي سنة عشر وَمِائَة وَقيل سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَقيل سنة أَربع عشرَة ورثاه جرير بِأَبْيَات مِنْهَا قَوْله
1 / 50