وَابْن عمر وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ
ووفد على الْوَلِيد وَسليمَان ابْني عبد الْملك ومدحهما قَالَ ابْن النجار وَلم أر لَهُ وفادة على عبد الْملك بن مَرْوَان وَقَالَ الْكَلْبِيّ ﵁ وَفد على مُعَاوِيَة وَلم يَصح روى مُعَاوِيَة بن عبد الْكَرِيم عَن أَبِيه قَالَ دخلت على الفرزدق فَتحَرك فَإِذا فِي رجلَيْهِ قيد قلت مَا هَذَا يَا أَبَا فراس قَالَ حَلَفت أَن لَا أخرجه من رجْلي حَتَّى أحفظ الْقُرْآن وَكَانَ كثير التَّعْظِيم لقبر أَبِيه فَمَا جَاءَهُ أحد واستجار بِهِ إِلَّا قَامَ مَعَه وساعده على بُلُوغ عرضه
وَقد اخْتلفت أهل الْمعرفَة بالشعر فِيهِ وَفِي جرير فِي المفاضلة بَينهمَا وَالْأَكْثَرُونَ على أَن جَرِيرًا أشعر مِنْهُ وَقد أنصف الْأَصْفَهَانِي فَقَالَ أما من كَانَ يمِيل إِلَى جودة الشّعْر وفخامته وَشدَّة أسره فَيقدم الفرزدق وَأما من كَانَ يمِيل إِلَى أشعار المطبوعين وإِلى الْكَلَام السَّمْح الْغَزل فَيقدم جَرِيرًا
وَكَانَ جرير قد هجا الفرزدق بقصيدة مِنْهَا
(وكنتُ إذَا نَزَلت بدار قوم ... رحَلْتَ بخَزْيةٍ وتَركتَ عارا) // الوافر //
فاتفق أَن الفرزدق بعد ذَلِك نزل بِامْرَأَة من أهل الْمَدِينَة وَجرى لَهُ مَعهَا قصَّة يطول شرحها وَمُلَخَّص الْأَمر أَنه راودها عَن نَفسهَا بعد أَن كَانَت أضافته وأحسنت إِلَيْهِ فامتنعت عَلَيْهِ وَبلغ الْخَبَر عمر بن عبد الْعَزِيز ﵀ وَهُوَ يَوْمئِذٍ وَالِي الْمَدِينَة المنورة فَأمر بِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا فأركب على نَاقَة لينفى فَقَالَ قَاتل الله ابْن المراغة يَعْنِي جَرِيرًا كَأَنَّهُ شَاهد هَذَا الْحَال حِين قَالَ وَذكر الْبَيْت السَّابِق
وَمن شعره لما كَانَ فِي الْمَدِينَة المنورة
(هُمَا دلَّتاني مِنْ ثَمَانِينَ قامةً ... كَمَا انْقَضَّ بازٍ أَقتم الرَّيش كاسرُه)
(فَلَمَّا استَوتِ رِجلايَ فِي الأَرْض قَالَتَا ... أحَيٌّ يُرجَّى أم قتيلٌ نحاذره)
(فَقُلتُ ارْفَعُوا الأسبْابَ لَا يَشعُروا بِنَا ... وأَقْبلتُ فِي أعجاز ليلٍ أبادرُه)
1 / 46