كان ذلك صوت امرأته، وهي تنشد بنيتها:
ما لأبي حمزة لا يأتينا؟
يظل في البيت الذي يلينا
غضبان أن لا نلد البنينا
تالله ما ذلك في أيدينا!
وإنما نأخذ ما أعطينا
ننبت ما قد زرعوه فينا!
فتعلقت بنفسه كآبة الصوت، ولبث مطرقا ساهما يغمره الصمت، لقد مس الشعر وحرك اللحن الإنسان النائم في أعماق هذا البدوي، ولكن كيف تتم يقظة الإنسان في الإنسان وهو فقير؟
قال الراوي: لا ندري هل كان أبو حمزة، هذا، البدوي الذي اتفقت له الحادثة مع صعصعة جد الفرزدق الشاعر؟ ولكن أي بأس في أن يكون هو إياه؟
وكأن أبا حمزة لم يقدم على طلاق امرأته ولم يستطع صبرا على جفائها، فقال: لأعيدنها تجربة أخرى، فإن ولدت غلاما فذاك، وإن ولدت بنتا وأدتها والله، قبل أن أسمع منها أول صيحة.
Unknown page