فطاب خاطر النجاشي، وصفا الأمر لأبرهة، وجعل على رأسه تاجا.
وجاء يوم حان فيه موعد الحج واستعد كثير من الناس للرحلة إلى الحجاز.
فتساءل أبرهة: وأي جاذب هذا الذي يجذب الناس إلى الحجاز، فيتكبدون مشقة السفر، وينفقون الأموال في أرض ليست بأرضهم؟
فقيل له: في الحجاز مكة، وفي مكة الكعبة، وموسم الحج قيام بفرض، ومجتمع يتلاقى فيه العرب ويقضون مصالح تجارية.
فقال أبرهة: لأبنين للناس في اليمن معبدا عظيما يحجونه في كل عام، وقبح الوثنية، ولكنه كان يحلم بالدنانير التي ترجع عليه إذا هو استطاع أن يصرف الحج عن الحجاز.
وما طال الأمر حتى وقع اختياره على مكان طلق بديع في صنعاء، وزار مدينة مأرب فانتقى من خرائبها مواد البناء النفيسة، الفخمة، وحملها إلى صنعاء.
وكتب إلى النجاشي، وإلى قيصر، يستعين بهما على إنشاء المعبد العظيم، واجتمع لديه من الرخام والفضة والمرمر الشيء الرائع.
وإذا بالكنيسة تعلو جدرانها وتشمخ، وتلبس زينتها التي تدهش العقول.
وأصبحت «القليس» محجا يتوافد إليه الناس، وتحول عن الحجاز رزق عظيم.
فغضب الحجازيون وسخط أكثرهم على «القليس» ونشطوا في مقاومة الحج إليها.
Unknown page