كان السد المأربي العظيم لا يزال يحبس ماء السحب ويحيي الأرض.
وكانت قوافل التجارة لا تزال تشق طريقها إلى الشمال.
وفجأة ينتقل بنا الجو، وإذا نحن في روما، أمام طليعة القياصرة: أوغوسطوس!
وقد بدأت تتعاظم في الدنيا سلطة تأبى أن تترك من يولدون على طريق الهند وشأنهم.
إن روما لتصدر أمرا، وممثلوها في مصر ينبعثون بحركة على غير مألوف العادة. إنهم يودعون جيشا رومانيا منتظم الصفوف ماضي السلاح يبلغ عشرة آلاف من المقاتلين الذين اهتزت الدنيا بأسرها تحت وطء أقدامهم.
وإيليوس غالوس، أحد القادة الرومان المرموقين، هو الذي عقد له لواء هذا الجيش، فزحف به قويا مطمئنا إلى النصر، في السنة 24 بعد الميلاد.
إلى أين؟ إلى شبه الجزيرة العربية!
كان همهم، وهم روما، القضاء على الدولة الحميرية التي تشرف على واسطة الاتصال بين الهند والشرق الأدنى، ثم ... لا ننس اليمن وخيراتها.
وكان العرب الأنباط في البطراء، وهم أهل مصالح تجارية أيضا، يضيقون صدرا بالدولة الحميرية، فمالئوا عليها الرومان، وأنفذوا وزيرهم دليلا يرشد الحملة إلى أهدافها، ما أخبث التجارة! إنها لجديرة بأن تفسد الماء بين الشقيق والشقيق.
واندفع جيش إيليوس غالوس، يرافقه الجغرافي الشهير «استرابون»، والوزير النبطي الذي سماه استرابون «سنلاتواس».
Unknown page