الإنسان تبعا لغيره وفرعا عليه، وأصول الدين ليست كذلك، ولأن الآية تضمنت الثناء عليهم وجعلهم أئمة لمن بعدهم، فلو لم يتناول إلا اتباعهم في أصول الدين لم يكونوا أئمة في ذلك لأن ذلك معلوم مع قطع النظر عن اتباعهم.
وأما قولهم إن الثناء على من اتبعهم كلهم، فنقول: الآية اقتضت الثناء على كل من اتبع كل واحد منهم، كما أن قوله: ﴿(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ﴾ ١ ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ﴾ يقتضي حصول الرضوان لكل واحد من السابقين والذين اتبعوهم في قوله: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي﴾ ٢ وكذلك في قوله: ﴿اتَّبَعُوهُمْ﴾ لأنه حكم علق عليهم في هذه الآية، فقد تناولهم مجتمعين ومنفردين.
وأيضا فإن الأصل في الأحكام المعلقة بأسماء عامة ثبوتها لكل فرد فرد من تلك المسميات كقوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ وقوله: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ٣ وقوله ﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ ٤.
وأيضا فإن الأحكام المعلقة على المجموع يؤتى فيها باسم يتناول المجموع دون الأفراد، كقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ ٥ وقوله ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ﴾ ٦ وقوله ﴿يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ٧ فإن لفظ (الأمة)
_________
١ سورة التوبة آية: ١٠٠.
٢ سورة التوبة آية: ١٠٠.
٣ سورة الفتح آية: ١٨.
٤ سورة التوبة آية: ١١٩.
٥ سورة البقرة آية: ١٤٣.
٦ سورة آل عمران آية: ١١٠.
٧ سورة النساء آية: ١١٥.
1 / 10