Mabda Wa Macad
المبدأ والمعاد
Investigator
قدمه وصححه : الأستاذ السيد جلال الدين الآشتياني
Edition Number
الثالثة
Publication Year
1422 - 1380ش
ذاته لضعف وجوده وخسة جوهره كالهيولى وضرب مبذول من جهته لكونه على التمام والكمال كالباري عز سلطانه إذ هو على الدرجة العليا من التمام والغاية القصوى من الكمال لكنه يغلب إشراقه العقلي على بصائر القلوب ويقهرها ويعجزها عن إدراك نوره النافذ ولمعانه الشديدة فيرجع عنه كليلة حيرة وهذان الضربان كل منهما في غاية البعد عن الآخر بحسب الذات وفي الطرف الأقصى من سلسلة الوجود المترتبة في الكمال والنقص المتدرجة في الشرف والخسة فيكون أحدهما في غاية البهاء والكمال والآخر في نهاية الخسة والنقص كالباري تعالى والهيولى وما يتلو كل منهما قوة وضعفا يتلوه ظهورا وخفاء وما يكون متوسطا بين الأمرين ذا قسط من الجانبين فهو الذي يقوي القوى البشرية على إدراكه والإحاطة به كالأجسام والألوان وسائر الكيفيات والكميات ولذلك كان معرفة الأجرام والأبعاد عليها أسهل من معرفة سائر الأشياء.
فقد تبين وتحقق من ذلك أنا حيث كنا متلبسين بالمادة وكانت هي السبب في أن صارت جواهرنا بحسب التعلق بها بعيدة عن الحق الأول فيكون أذهاننا وعقولنا ممنوعة عن إدراكه تعالى لبعدها عن منبع الوجود من قبل سنخ ذاتها ومقارناتها للمادة لا من قبله.
فإنه لعظمته وسعة رحمته وشدة نوره النافذ وعدم تناهيه أقرب إلينا من كل الأشياء لتناهيها وعدم تناهيه كما أشار إليه في كتاب المجيد و نحن أقرب إليه من حبل الوريد وفي قوله تعالى: و إذا سألك عبادي عني فإني قريب فهو سبحانه في العلو الأعلى من جهة كماله الأقصى والدنو الأدنى من جهة سعة رحمته وإحاطة علمه بالأشياء فهو العالي في دنوه والداني في علوه وإليه أشير في الحديث لو دليتم بأرض السفلى لهبطتم على الله.
Page 137