Mabahith fi al-Tafsir al-Mawdhu'i
مباحث في التفسير الموضوعي
Publisher
دار القلم
Edition Number
الرابعة ١٤٢٦ هـ
Publication Year
٢٠٠٥ م
Genres
قد يخطر على فكر الإنسان أمور مجردة كفكرة الخلق والإبداع نفسها أو التناسق والجمال في قضية الإبداع، وكل هذه الأمور قد عرضها القرآن بأساليب شتى.
وفيما يلي سنحاول أن نتعرف على جملة من الآيات القرآنية التي تناولت قضية الخلق والإبداع من جوانب مختلفة:
١- يثير القرآن الكريم أحيانًا قضية الخلق والإبداع بشكلها العام المجرد عن مخلوق محدد يثير ذهن الإنسان ويثير المحاكمة العقلية لديه فلنتأمل قول الله تعالى:
﴿أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [الرعد: ١٦] .
إن العموم المأخوذ من ﴿كُلِّ شَيْءٍ﴾ يشمل أي مخلوق يمكن أن يخطر للإنسان، وللعقل البشري أن يتجول بين مخلوقات الله ﷾ التي يمكنه أن يتصورها لتصلح مثالًا لوقوع فعل الخلق عليه وليكون نموذجًا لصنعة الله وإبداعه.
ويدخل في هذا العموم هؤلاء المعاندون وآلهتهم المزعومة فإنهم أشياء أيضًا قد خلقهم الله ﷾ من العدم، فهل يستطيعون إقامة البرهان على أنهم أوجدوا أنفسهم أو أن غير الله ﷾ خلقهم، بل الواحد القهار هو المتفرد بالخلق والإيجاد ومثل هذا الشمول نجده في قوله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: ٢]، وقوله: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ، وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر: ٤٩-٥٠] . وفي الآيتين الأخيرتين يضاف إلى الشمول أو العموم في الخلق قضية التقدير، فليس الخلق العشوائي بل الخلق القدر بمقادير معينة وأوصاف محددة قد أوجدها الله سبحانه تعالى وأبدعها لتؤدي دورًا معينًا ووظيفة معينة بين المخلوقات.
٢- ومن الآيات التي تتحدث عن الخلق والإبداع آيات تتحدث عن مجالات متعددة للخلق من غير أن تخصص جانبًا منها بالتفصيل والتركيز.
1 / 122