95

Maathir Sultaniyya

المآثر السلطانية

Genres

وفى أواخر الشهر المبارك رمضان من العام نفسه [1218 ه. ق]، وفى الفجر- وحيث هزم جيش فارس الظلام فى ميدان الفلك بسبب ظهور تباشير الصباح- أخذ الأبطال الغالبون للرجال والشجعان الهازمون للعدو فى التحرك من خنادقهم بقصد الاستيلاء على القلعة مع ملازمى الركاب وملازمى عنان القائد حسين خان، وهجموا على البرج والحصن من كل ناحية على هيئة السيل المزمجر والبحر الصاخب، وبسبب مشاهدة هذا الحال، أغلق خدم الروضة المنورة أبواب العتبة المقدسة من أجل المحافظة على ذلك المكان ذى الأثر الفيضى ولما رأى نادر ميرزا نفسه فى فم تمساح البلاء كسمكة وقعت فى شبكة الاضطراب فاعتبر أن هيجان أساس هذه الفتنة من منبع الحقائق النحرير الكامل والمدقق الفاضل ميرزا محمد مهدى المشهدى، فتوجه إلى عرش إمام الحضرة، وبسبب منتهى الضلالة والتهور فى العتبة المقدسة حطم قاعدة العمود والدربزين، وتخطى بقدم قلة الأدب مع جمع إلى حريم الحرمة- اللاتى كانت جدائلهن ناثرة العنبر والمعقودة على الجوارى مكنسة لذلك الحرم، وبمنتهى قلة الحياء وعدم الخجل انزوى فى جانب فأدرك حضرة الميرزا- الذى كان فى حالة الانشغال بأوراد الصلاة- وهو مستل سيفه، وفتح عليه لسانه بالكلام البذئ وبالوقاحة، وطعنه عدة طعنات منكرة، وركب على الفور مسرعا وفر إلى جانب" تشناران"، وفى هذه الحالة صعد الجيش المنصور إلى برج وحصن المدينة واستولى على القلعة، وجذبوا الأيدى إلى النهب والسلب، فمنع القائد حسين خان الجيش الذى بعدد النمل وبطبع الثعابين من الهجوم والإغارة، وكان نادر ميرزا قد هبط وهو فى حالة اختلال كامل إلى خيمة أحد خدم تلك المناطق على بعد أربعة فراسخ من مشهد المقدسة وكانت نيته أن يصل بنفسه إلى تشناران ومن هناك يلقى بسفينة وجوده إلى ساحل النجاة، وفى هذه الحالة قبض جمع من بدو الصحراء على ذلك المتعوس الشقى، وأحضروه عند حسين خان الذى أرسله إلى خدمة الأمير عالى المقام، وبسبب غاية الحيرة كانت الدموع تسيل من عينيه [ص 95]، وبسبب أن نار القلب كانت ذائبة فى بوتقة الحسرة.

وبالمصاحب لهذا الحال، حلق طائر الروح الساكنة فى الجنة القدسية علامة العالم بسبب تلك الطعنات الغائرة إلى فراديس وحدائق الجنان، وعندئذ، قاموا بتجهيزه وتكفينه ودفنوه فى جوار حضرة الإمام، وكان عمره ما يقرب من السبعين عاما عندما توجه بوجهه من الدنيا العامرة بالوحشة إلى روضة الرضوان.

Page 127