وفى الصباح الذى ارتدى فيه كسرى النجوم والكواكب السيارة الخلعة المذهبة على صوره وقد ظهر وعلى طرته عقال مقوس جميل أزرق اللون، مر الوزراء والأمراء والأعيان من أمام نظر الشمس المؤثرة لملك الملوك المشبه بجمشيد بالهدايا المتنوعة، فصاروا موضع الإشفاق والعطف السلطانى، ووجدت صدور وأكتاف فخرهم الزينة بالخلاع الثمينة، وأشرقت أشعة الرعاية الخاقانية على وجنات أحوالهم.
34 - تكملة حكاية قيصر ميرزا الأفغانى:
. ولما رأى قيصر ميرزا فى عتبة جلال الحضرة العلية كعبة النجاة من حوادث الزمان، ورأى فى البلاط الكسروى قبلة الحاجات، فرعى السلطان المطلع بالأمور أيضا جانبه بالعنايات الملكية والعواطف الكسروية، وخص حضرته كل يوم بمكرمة جديدة وعناية لا حد لها، وقد تأكد أن محمود ميرزا قد بدل مكافآت الشكر على نعمة الملك بالكفران والجحود، وقابل احترام مساعدة ولى النعمة بالطغيان والفساد.
وفى المساء حضر إلى بلاط الفلك الدوار بعض من عظماء حكام الأفغان أيضا لمراعاة هذا الحال، وعرضوا ذلك بأنه الآن [قضى] عام وقيصر ميرزا مقيم بالعتبة وأن قرة أعين أنصاره هو أن يقدم على الطريق الرئيسى للمرحمة الملكية المعينة فى كل وقت من قوة الإقبال الكسروى على خصمه القوى، وبسبب انتصاره تظلم عين عمه المغموم منها قلبه كثيرا، وعلى معارضة بألا يسعى إلا لطريق الخدمة ولا يبحث عن عمل سوى وسيلة التقرب إلى البلاط.
ولما كانت صورة عقيدة قيصر ميرزا معكوسة فى مرآة عقل الحضرة العلية، فقبل الخاطر الأشرف ملتمسات الحكام الأفغان، وزين صدورهم وأكتافهم بالتشريفات الخاصة السلطانية، ومنح حضرة قيصر ميرزا عطايا السيف المرصع والخنجر والأوانى الفضية والذهبية والخيمة الملكية الكبيرة والأحصنة ولوازم الحياة الملوكية، وسمح له بالانصراف إلى ناحية كابل وقندهار، [ص 92] وافتخر حكام وقادة تلك المنطقة وارتفعت رءوسهم واحدا واحدا بالخطاب الكسروى، وسرى الحكم على ذلك:
" بأننا أمرنا باستدعاء وطلب حكام الأفغان للسير إلى تلك الحدود لحضرة قيصر ميرزا الأفغانى، وبأننا فتحنا أبواب الاستعانة على وجه أحواله، وبأن يعتبروا الامتثال للمثال الخاقانى واجب، وبأن يواظبوا على جمع الكتائب وعلى مساعدة تلك الحضرة ويسارعوا إلى دار القرار قندهار، وبأن يجعلوه مستقلا فى ملكه."
Page 124