89

Maathir Sultaniyya

المآثر السلطانية

Genres

وفى يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول، التف الجيش ملجأ الظفر خارج مدينة مشهد، وبسبب النهب وغارة الأتراك الشجعان، جعلوا الدنيا المنيرة سوداء فى نظر نادر ميرزا ومحصورى حصار التعب والعناء، وبسبب طول مدة الحصار اشتعلت نائرة القحط والغلاء، وبسبب مرارة الحياة وانعدام القوت وقوة اقتران الملل بالخلق وصل الموت إلى أرواحهم والسكين إلى أعناقهم، فتوجه ميرزا محمد مهدى المشهدى علامة العلماء ونحرير الحكماء والفقهاء- الذى كان سيدا فاضلا وعالما بالذات الإلهية- إلى عتبة أساس العدل من أجل الاستشفاع لفقراء وضعفاء مشهد المقدسة، وفى المحفل المشابه للجنة الكسروية التمس خلاص أهل مشهد المقدسة، وقدم العرض على أساس أن الخطأ الذى يستوجب السخط السلطانى والباعث على الغضب الملكى هو ليس خطأ فقراء القلعة، وأن تسليم القلعة وإخراج نادر ميرزا- الذى كان شعاره عدم الشكر- متعذر وصعب على العجزة والمساكين، وأن مفاتيح أبواب المدينة وزمام اختيار أهل القلعة فى يد ذلك الغادر الجائر، فما يصير هو أن يترك كسرى فاتح البلاد إخضاع القلعة عدة شهور، وأن يوقف تدبير أمر نادر ميرزا الآيل للخذلان إلى موضع آخر حتى يفكر أهل المدينة فى حيلة لأمره ويخرجوا عنان الاختيار والاقتدار من قبضة قدرته، ويعدوا المدينة تحت تصرف مسئولى دولة العصر بالتمهيد الذى يعلمونه ويقدرون عليه، فينجون من فكرة السخط والعذاب. وصدق أمراء خراسان أيضا على قول حضرته وتعهدوا بهذا العهد.

وكان ظاهرا على الضمير الخاقانى المنير، بأنه لو يخضع قلعة الأرض المقدسة بالغلبة والقهر، فلسوف يصبح رجال ونساء تلك الناحية- الذين هم مستريحون فى ظل مولاى الثامن «1» - طعمة لسيف الأبطال السفاك للدماء وعرضة للأتراك الشجعان، وللضرورة قبل شفاعة الفاضل الكامل من وجه كمال المرحمة، وقرر إخضاع القلعة على التعهد الذى مضى فى عهده [ص 89] حكام خراسان، وكلف حسين خان رئيس فرقة الغلمان بقيادة ولاية خراسان علاوة على حكومة نيسابور. وأخذت الرايات المنصورة فى التحرك إلى ناحية دار الخلافة طهران، وانشغل هو لعدة أيام فى التنزه والصيد فى منزل" تششمه على" الذى كان روضا عامرا ومريحا، ومن هناك صار بطل جيش ملجأ الظفر كحل عين أهالى بلدة سمنان، وقد أعطوا للنائب الأمير محمد ولى ميرزا الاحتفالات المقبولة وقدموا له الهدايا اللائقة.

Page 121