مرة أخرى جعل فصل منتصف الربيع ساحة المرج أينع وأنضر من الجنة، ومنحت عظمة الحفل المبارك الكسروى الخلعة الجديدة للعالم القديم، وبذل خازن الهمة العالية بذور الذهب وكنوز الجواهر على الوضيع والشريف، فصار محسودا من فيضان السحاب وإشراق شمس العالم. وبعد طى بساط السرور والفرح، تقدم لنظم واجبات الملك ومهامه، وعلى الرغم من أن نهب أغنام طائفة قراجه داغ وذهاب الروس إلى مقرى قراباغ وعودتهم ووسوسة بارون ويردى إلى غماندات، كان يظهر علامات الخدعة والحيلة وفساد طور مصوف. وقد وصل فى تلك الأثناء أيضا الخبر بأن الروس لعبوا نرد الحيلة مع والى" باش آتشوق "، فألقوه طرح الفتى ورغبوا معه اللقاء، ووقتها قبضوا عليه [ص 233] وحملوه إلى تفليس. ولم يوقف النواب العالى تعيين القائم مقام على هذه الأخبار والترهات ولم ير تأخير وعده الكريم، وكلفه مع عدة أشخاص من غلمان بهرام الانتقام، وأمره بأن يسرع إلى كل مكان يحدده" طور مصوف" دون تمهيل وتسويف، وأن يرفع خيمته عند القدوم مع خيمته بأقل فاصلة وأن يقيم معسكره المبارك (خيمته الكبيرة) بالاسم السامى لدولة الهمايون، من أجل أن يشاهد أيضا على الستارة شاهد مقصود الدولتين دون حجاب وتظهر أسرار الملك من جلباب خاطر مقربيه، فإذا رأى أن بناء أمر" طور مصوف" قائم على الخدعة والحيلة، فينوى على الرجوع فى الحال ودون تفكير ويختار العودة، وإذا استنبط من أحواله عذرا فى الاحتفاظ بقصده، فلا يظهر القائم مقام أيضا التضايق فى الجدال. وطبقا لما هو مقرر، توجه القائم مقام، وكان" طور مصوف" قد عين فى بادئ الأمر ثلاثة أماكن متتالية من أجل اللقاء وكان قد أخبره بها وعلى الفور كان قد أعن أسفه، وفى النهاية، حدد مكان اللقاء فى ناحية عسكران وتوجه القائم مقام دون تفكير إلى هناك وقد عمل ما كان مكلفا به ومع أن" طور مصوف" قرن، وطبقا لما هو ظاهر، لوازم الاستقبال والإعزاز والاحترام، زيادة عن ما كان مظنونا، مع أدب التواضع والخضوع، فلم يغفل دقيقة عن العادات الإنسانية.
وقد صدر فرمان ملكى الدولتين أيضا على الوضع اللائق، وطبقا لصلاح الجانبين.
وتقرر كتابة اتفاقية الهدنة، ولم يحدث فرق واختصار فى تدوين آداب وألقاب ملكى الدولتين القويتين الأساس، ولم يحدث من الطرفين الأمر المخالف فى الظاهر للنظام والقانون، ولكن فى النهاية، انصرفوا عن تقريرات بارون ويردى وتفسيراته بشأن أغنام قراجه داغى.
Page 275