252

فلما فرغوا من لعبهم، مروا بمحمد بن القاسم إلى مسرور الكبير، فحبسه في سرداب يشبه البير فكاد أن يموت فيه، فبلغ ذلك المعتصم، وقيل: بل دعا إليهم إن كان صاحبكم يريد قتلي، فالآن أموت الساعة، وإن كان يريد حبسي فاعلموه، فأمر المعتصم بإخراجه، وحبس في بستان موسى مع المعتصم في داره، ووكل به مسرور عدة من غلمانه.

وكان في القبة التي هو محبوس فيها عدة روازن وكوى واسعة الضوء، فطلب مقراضا يكون عنده يقرض أظفاره، فدفع إليه فعمد إلى لبد كان تحته، فقط نصفه وقصصه بالمقراض كهيئة السيور وعمل منه مثل السلم، وطلب منهم سعفة ذكر أنه يريد أن يطرد بها الفأر، فإنه يأكل خبزه، ويسحبه عليه، فأعطوه فقطعها، وحزز حواليها بالمقراض حتى قطعها ثلاث قطع، وقرنها بمسواكه، وجعلها في رأس السلم، وحلق به في أقرب روزنة من تلك الروازن التي عليه، وعلقه فيها، وتسلق عليه وجذبه إليه لما صعد [واستقر] وكانت ليلة الفطر سنة تسع عشرة ومائتين.

وقد أدخلت الفواكه والرياحين وآلة العيد على رؤوس الحمالين إلى البستان، وصار الحمالون إلى القبة التي فيها محمد بن القاسم، فباتوا حولها، فرمى بنفسه من القبة إلى أسفل، فنام بين الحمالين [ساعة] ثم عجل فذهب يخرج فقال له بعض البوابين : من أنت؟ فقال : [أنا] بعض الحمالين أردت الانصراف إلى أهلي، فقال له: نم عندي لا تأخذك العسس فنام عنده.

Page 353