قال إبراهيم: فما رأيت خبرا كأنه وحي مثله، فصرت إلى الموضع واستنبئت أمره، فوجدت محمدا على رأس الدرجة متلثما بعمامة، وقد شد له [محمل] على بغل بسفل الدرجة، وهو يريد الرحيل إلى خوارزم، فقبضت عليه وقلت : هات خاتمك، فأعطاني خاتمه، فأنفذته مع خاتمي إلى عبد الله بن طاهر مع رجل، ودفعت إليه فرسا من تلك [الخيل] وجنيبه بجنبها مخافة أن تفتر فرسه وأمرت بعض أصحابي أن يدخل الغرفة، فقال لي: ما تريد من دخول الغرفة وقد أخذتني [وأنا بغيتك] ؟ [قال:] فلم ألتفت إلى قوله، ففتش أصحابي الغرفة، فوجدوا أبا تراب بجبر نقير، والنقير: شبيه بالحوض [من خشب] يطحن فيه الدقيق، ويعصر فيه [العنب] فأخرجتهما واستوثقت منهما بالقيود الثقال، وكتبت إلى عبد الله بن طاهر بخبرهما، وسرت إلى نيسابور ستة أيام، فصيرت محمد بن القاسم في بيت [واحد من داري] ووكلت به من أثق به من أصحابي، ووكلت بأبي تراب عند رجل آخر، فوضع [محمد] كساءه، وقام يصلي، وعبد الله بن طاهر مطل من غرفة قصره [علينا].
ولما فرغت من الاحتياط عليه سرت إلى عبد الله بن طاهر، فقصصت عليه القصة شفاها، فقال لي: لا بد أن أنظر إليه، فسار إلي مع المغرب، وعليه قميص وسراويل ونعل ورداء، وهو متنكر فلما نظر إلى محمد بن القاسم، وثقل الحديد [عليه] قال لي: ويحك يا إبراهيم!!ما خفت الله في فعلك، أتقيد هذا الرجل الصالح بهذا القيد الثقيل؟!
Page 350