ومن العلوم علم العربية والنحو وقد علم الناس كافة أنه هو الذي ابتدعه وأنشاه، وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامعه وأصوله، من جملتها الكلام كله ثلاثة أشياء: اسم، وفعل، وحرف [جاء لمعنى] ومن جملتها: تقسيم الكلمة إلى معرفة، ونكرة، وتقسيم وجوه الإعراب إلى: الرفع، والنصب، والجر والجزم، وهذا يكاد يلحق بالمعجزات؛ لأن القوى البشرية لا تفي بهذا الحصر، ولا تنهض لهذا الاستنباط، وإن رجعت إلى الخصائص الخلقية والفضائل النفسانية والدينية وجدته ابن جلاها وطلاع ثنياها.
أما الشجاعة: فإنه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله، ومحى اسم من يأتي بعده، ومقاماته في الحرب مشهورة، يضرب بها المثل إلى يوم القيامة، وهو الشجاع الذي ما فر قط، ولا ارتاع من كتيبة، ولا بارز أحدا إلا قتله، ولا ضرب ضربة قط فاحتاجت الأولى إلى الثانية.
وفي الحديث: كانت ضرباته وترا، ولما دعى معاوية إلى البراز قال له عمرو : لقد أنصفك، فقال معاويه: ما غششتني منذ صحبتني إلا اليوم، أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه هو، أراك طمعت في إمارة الشام بعدي، وكانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته فأما قتلاه فافتخار رهطهم بأنه -عليه السلام- قتلهم أظهر وأكثر، قالت أخت عمرو بن عبد ود ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله
[بكيته أبدا ما دمت في الأبد]
Page 99