نعم، وما كان في شرح المنظومة مذكور من بعد الإمام المنصور بالله فإني نقلته من مظان الصحة، وقد عزوته في الأغلب إلى مكانه لفهم من يفهم الإشارة واللمحة، فليكن خاطر الواقف على نقلي هذا طيبا، وليصدق هذا النبأ، وقد كنت ذاكرت السيد صارم الدين، والمؤيد برب العالمين، وأخبرتهما أن المذكورين في المنظومة إن حاول الشارح استقصاء أخبار كل من ذكر فيها احتاج إلى مجلدات عدة وقطع مدة!!، يالك من مدة، وتطويل ذكر أهل النحل يؤدي إلى الملل، والاختصار يؤدي إلى الخلل، فوقع الإتفاق مني ومنهما على أن خير الأمور أوساطها لا تفريطها ولا إفراطها، فصممت على ذلك مستعينا بالله على أن يرزقني حسن القصد في سلوك تلك المسالك، ويصلح عملي، ويزكيه ويبارك إنه ولي ذلك، والقادر على ما هنالك، والتزمت أيضا أن لا أذكر شيئا من النقائض التي كانت تصدر في بعض الأحيان من بعض العترة إلى بعض، لأني إن فعلت [ذلك] عاد على نشري لمحاسنهم بالنقض، والتزمت أيضا أن أتابع الناظم في شرح كلامه، فإن بسط بسطت، وإن قبض قبضت، فهذه جملة [مباركة] صالحة، يقال معها: ما أشبه الليلة بالبارحة، والغادية بالرائحة، ويقول من تدبرها ممن يعلم ويفهم: هذا السوار لمثل هذا المعصم، ولم أقل هذا الكلام لافتخار ولا لتعبث، بل لقوله تعالى:{وأما بنعمة ربك فحدث }[الضحى:11]، وقد توخيت مع ذلك التسوية في التعظيم؛ لأن أهل هذا البيت الكريم حسنيهم وحسينيهم، وأولهم وآخرهم حسب منازلهم إلى الوقت الذي ختمت فيه هذا الشرح، ولم أتعرض فيه إلى شرح كلمة لغوية، أو نحوية، أو أصولية كما قد يفعله بعض المصنفين، ولكني لما رأيت هذه المنظومة محتوية على فضائل لأمير المؤمنين علي -عليه السلام- كثيرة، وقد ذكر الفقيه العلامة: حميد بن أحمد -رحمه الله تعالى- في أول كتابه المسمى ب(بالحدائق الوردية) نكتا شافية، وبالمقصود وافية، وكان كتابه المذكور متداولا في أيدي كثير من أهل جهاتنا ومذهبنا، أحببت أن آتي في شرحي هذا بعوضها مما لم يطلع عليه كثير ممن اطلع على ذلك، فعمدت إلى جملة مباركة من تعداد فضائل هذا الإمام، ما وجدت أحسن منها ضمنها العلامة: عبد الحميد بن أبي الحديد في أول (شرح نهج البلاغة) هي في هذا الباب البغية المقصودة، والضالة المنشودة، يفهم حسن إيرادها هنا سليم الطبع، ويستمتع بنفعها صحيح البصر والسمع، وأفردت لها فصلا قدمته قبل الشروع، ثم ثنيت بفصل وجدته لأبي بكر الخوارزمي، حكى فيه جملة مما أصاب جماعة من أهل البيت وشيعتهم، يحسن منا لأجله التأسي بهم، وإليه الرجوع، فجاء هذان الفصلان كالشرح لكثير من ألفاظ المنظومة المذكورة، فليتأملها الواقف عليها ويعرف حق أهل البيت عليه ويتبرأ من عقوقهم، وتضييع حقوقهم، وقد فوضت جميع من وقف على مجموعي هذا من أفاضل الإخوان، العارفين بأساليب أهل هذا الشأن أن يصلح ما وجد فيه خللا، فجل من لا عيب فيه وعلا، وسميت هذا الشرح: (مآثر الأبرار في تفصيل مجملات جواهر الأخبار) و(اللواحق الندية للحدائق الوردية) لأنه يأتي جزءا ثالثا لذلك الكتاب.
Page 93