Maʿārij al-qabūl bi-sharḥ Sullam al-wuṣūl
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Editor
عمر بن محمود أبو عمر
Publisher
دار ابن القيم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Publisher Location
الدمام
Genres
لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ. مُكَذِّبٍ بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِهِ رُسُلَهُ، "فَلَيْسَ" لِلَّهِ يَبْقَى "بَعْدَ رَدِّ ذَا التِّبْيَانِ" الَّذِي جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَةِ الصَّرِيحَةِ وَالْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ الصَّحِيحَةِ "مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ" فِي قَلْبِ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْحَقُّ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ [يُونُسَ: ٣٢] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا﴾ [الْأَنْعَامِ: ٥٦] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ﴾ [غَافِرٍ: ٤] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا﴾ [فُصِّلَتْ: ٤٠] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ، حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ﴾ [النَّمْلِ: ٨٣-٨٥] وَهَذِهِ الْآيَاتُ يَدْخُلُ فِيهَا كُلُّ مُكَذِّبٍ بِأَيِّ شَيْءٍ مِنَ الْكِتَابِ، فَكَيْفَ إِذَا كَذَّبَ بِصِفَاتِ مُنَزِّلِ الْكِتَابِ، بَلْ جَحَدَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى تَكَلَّمَ بِالْكِتَابِ، أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.
فصل:
الْمَلَاحِدَةُ خَمْسُ طَوَائِفَ فِي تَوْحِيدِ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِثْبَاتِ:
وَالْمَلَاحِدَةُ فِي تَوْحِيدِ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِثْبَاتِ فِرَقٌ كَثِيرَةٌ وَأَشْيَاعٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وَلَكِنَّ رُءُوسَهُمْ خَمْسُ طَوَائِفَ:
الْأُولَى سَلْبِيَّةٌ مَحْضًا يُثْبِتُونَ إِثْبَاتًا هُوَ عَيْنُ النَّفْيِ وَيَصِفُونَ الْبَارِي تَعَالَى بِصِفَاتِ الْعَدَمِ الْمَحْضِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ الْبَتَّةَ، وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَهُمْ حَقِيقَةٌ غَيْرَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ هُوَ مَوْجُودٌ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجًا عَنْهُ وَلَا مُبَايِنًا لَهُ وَلَا مُحَايِثًا وَلَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا يُثْبِتُونَ لَهُ ذَاتًا وَلَا اسْمًا وَلَا صِفَةً وَلَا فِعْلًا بَلْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ هُوَ عَيْنُ الشِّرْكِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ غُلَاةُ الْجَهْمِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ قُدَمَاؤُهُمْ يَتَحَاشَوْنَ عَنْهُ وَيَتَسَتَّرُونَ مِنْهُ، وَكَانَ السَّلَفُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ يَتَفَرَّسُونَ
1 / 369