Maʿārij al-qabūl bi-sharḥ Sullam al-wuṣūl
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Editor
عمر بن محمود أبو عمر
Publisher
دار ابن القيم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Publisher Location
الدمام
Genres
فَائِدَةٌ:
قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ قَالُوا مُقَالَةً مُوَلَّدَةً مَا عَلِمْتُ أَحَدًا سَبَقَهُمْ بِهَا قَالُوا: هَذِهِ الصِّفَاتُ تَمُرُّ كَمَا جَاءَتْ وَلَا تُؤَوَّلُ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ. فَتَفَرَّعَ مِنْ هَذَا أَنَّ الظَّاهِرَ يُعْنَى بِهِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا تَأْوِيلَ لَهَا غَيْرُ دَلَالَةِ الْخِطَابِ كَمَا قَالَ السَّلَفُ الصَّالِحُ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ. وَكَمَا قَالَ سُفْيَانُ وَغَيْرُهُ: قِرَاءَتُهَا تَفْسِيرُهَا، يَعْنِي أَنَّهَا بَيِّنَةٌ وَاضِحَةٌ فِي اللُّغَةِ لَا يُبْتَغَى بِهَا مَضَايِقُ التَّأْوِيلِ وَالتَّحْرِيفِ، وَهَذَا هُوَ مَبْدَأُ السَّلَفِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تُشْبِهُ صِفَاتِ الْبَشَرِ بِوَجْهٍ، إِذِ الْبَارِي لَا مِثْلَ لَهُ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ. الثَّانِي أَنَّ ظَاهِرَهَا هُوَ الَّذِي يَتَشَكَّلُ فِي الْخَيَالِ مِنَ الصِّفَةِ كَمَا يَتَشَكَّلُ فِي الذِّهْنِ مِنْ وَصْفِ الْبَشَرِ، فَهَذَا غَيْرُ،مُرَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرْدٌ صَمَدٌ لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ صِفَاتُهُ فَإِنَّهَا حَقٌّ، وَلَكِنْ مَا لَهَا مِثْلٌ وَلَا نَظِيرٌ، فَمَنْ ذَا الَّذِي عَايَنَهُ وَنَعَتَهُ لَنَا، وَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَ لَنَا كَيْفَ سَمِعَ مُوسَى كَلَامَهُ؟ وَاللَّهِ إِنَّا لَعَاجِزُونَ كَالُّونَ حَائِرُونَ بَاهِتُونَ فِي حَدِّ الرُّوحِ الَّتِي فِينَا وَكَيْفَ تَعْرُجُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى بَارِئِهَا، وَكَيْفَ يُرْسِلُهَا، وَكَيْفَ تَسْتَقِلُّ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَكَيْفَ حَيَاةُ الشَّهِيدِ الْمَرْزُوقِ عِنْدَ رَبِّهِ بَعْدَ قَتْلِهِ، وَكَيْفَ حَيَاةُ النَّبِيِّينَ الْآنَ، وَكَيْفَ شَاهَدَ النَّبِيُّ ﷺ أَخَاهُ مُوسَى يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ قَائِمًا١، ثُمَّ رَآهُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَحَاوَرَهُ وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِمُرَاجَعَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَطَلَبِ التَّخْفِيفِ مِنْهُ عَلَى أُمَّتِهِ٢، وَكَيْفَ نَاظَرَ مُوسَى أَبَاهُ آدَمَ وَحَجَّهُ آدَمُ بِالْقَدَرِ السَّابِقِ وَبِأَنَّ اللَّوْمَ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَقَبُولِهَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ٣، وَكَذَلِكَ نَعْجِزُ عَنْ وَصْفِ هَيْئَتِنَا فِي الْجَنَّةِ وَوَصْفِ الْحُورِ الْعِينِ، فَكَيْفَ بِنَا إِذَا انْتَقَلْنَا إِلَى الْمَلَائِكَةِ وَذَوَاتِهِمْ وَكَيْفِيَّتِهَا وَأَنَّ بَعْضَهُمْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَلْتَقِمَ الدُّنْيَا فِي لُقْمَةٍ مَعَ رَوْنَقِهِمْ وَحُسْنِهِمْ وَصَفَاءِ جَوْهَرِهِمُ النُّورَانِيِّ، فَاللَّهُ أَعْلَى وَأَعْظَمُ وَلَهُ الْمَثَلُ
١ أخرجه مسلم "٤/ ١٨٤٥/ ح٢٣٧٥" في الفضائل، باب من فضائل موسى ﵇ من حديث أنس ﵁.
٢ البخاري "١/ ٤٥٨-٤٥٩" في الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء؟.
ومسلم "١/ ١٤٨-١٤٩/ ح١٦٣" في الإيمان، باب الإسراء برسول الله ﷺ من حديث أنس.
٣ سيأتي بطوله وهو في الصحيحين.
1 / 367